تَرَوْنَها) : أي أن إلهكم الحق الذي يجب أن تؤمنوا به وتعبدوه وتوحدوه الله الذى رفع السموات على الأرض بغير عمد مرئية لكم ولكن رفعها بقدرته وبما شاء من سنن. وقوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي خلق السموات والأرض ثم استوى على عرشه استواء يليق بذاته وجلاله يدبر أمر الملكوت وقوله : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أي ذللهما بعد خلقهما يسيران في فلكهما سيرا منتظما إلى نهاية الحياة ، وقوله (كُلٌّ يَجْرِي) أي في فلكه فالشمس تقطع فلكها في سنة كاملة والقمر في شهر كامل وهما يجريان هكذا إلى نهاية الحياة الدنيا فيخسف القمر وتنكدر الشمس وقوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي يقضى ما يشاء في السموات والأرض ويدبر أمر مخلوقاته بالإماتة والاحياء والمنع والإعطاء كيف يشاء وحده لا شريك له في ذلك. وقوله : (يُفَصِّلُ الْآياتِ) أي القرآنية بذكر القصص وضرب الأمثال وبيان الحلال والحرام كل ذلك ليهيئكم ويعدكم للإيمان بلقاء ربكم فتؤمنوا به وتعبدوا الله وتوحدوه في عبادته فتكملوا في أرواحكم وأخلاقكم وتسعدوا في دنياكم وآخرتكم. وقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) (١) اي بسطها (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) أي جبالا ثوابت (وَأَنْهاراً) أي وأجرى فيها أنهارا (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي نوعين وضربين فالرمان منه الحلو ومنه الحامض والزيتون منه الأصفر والأسود ، والتين منه الأبيض والأحمر وقوله : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) أي يغطي سبحانه وتعالى النهار بالليل لفائدتكم لتناموا وتستريح أبدانكم من عناء النهار. وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي المذكور في هذه الآية الكريمة من مد الأرض وجعل الرواسي فيها واجراء الأنهار ، وخلق أنواع الثمار واغشاء الليل النهار ، في كل هذا المذكور (لَآياتٍ) أي علامات ودلائل واضحات على وجود الله تعالى وعلمه وقدرته وحكمته وعلى وجوب عبادته وتوحيده وعلى الإيمان بوعده ووعيده ، ولقائه وما أعد من نعيم لأوليائه وعذاب لأعدائه ، وقوله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) (٢) أي بقاع من الأرض بعضها إلى جنب بعض متلاحقات هذه تربتها طيبة وهذه تربتها خبيثة ملح سبخة وفي الأرض أيضا جنات أي بساتين من
__________________
(١) لمّا ذكر تعالى آياته الكونية في السماء ذكر آياته الكونية في الأرض استدلالا بها على قدرته وعلمه وحكمته الموجبة لتوحيده وعبادته دون سواه.
(٢) أي : وأخرى غير متجاورات فحذفت على حدّ قوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) حيث حذف المقابل وهو : تقيكم البرد.