أعناب وفيها زرع ونخيل (صِنْوانٌ) (١) النخلتان والثلاث في أصل واحد ، (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) كل نخلة قائمة على أصلها ، وقوله : (يُسْقى) أي تلك الأعناب والزروع والنخيل (بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) (٢) وهو ما يؤكل منها فهذا حلو وهذا حامض وهذا لذيذ وهذا سمج ، وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي المذكور من القطع المتجاورات مع اختلاف الطيب وعدمه وجنات الأعناب والنخيل وسقيها بماء واحد واختلاف طعومها وروائحها وفوائدها (لَآياتٍ) (٣) علامات ودلائل باهرات على وجوب الإيمان بالله وتوحيده ولقائه ، ولكن (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أما الذين فقدوا عقولهم لاستيلاء المادة عليها واستحكام الشهوة فيها فإنهم لا يدركون ولا يفهمون شيئا فكيف إذا يرون دلائل وجود الله وعلمه وقدرته وحكمته فيؤمنون به ويعبدونه ويتقربون إليه.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة الوحي الإلهي ونبوة محمد صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ تقرير عقيدة التوحيد وأنه لا إله إلا الله.
٣ ـ تقرير عقيدة البعث الآخر والجزاء على الكسب في الدنيا.
٤ ـ فضيلة التفكر في الآيات الكونية.
٥ ـ فضيلة العقل للاهتداء به إلى معرفة الحق واتباعه للإسعاد والإكمال.
(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ
__________________
(١) الصنو : المثل ، ومنه الحديث : (عمّ الرجل صنو أبيه) ولا فرق بين التثنية والجمع في : (صنوان) إلّا بكسر نون المثنى ، وتنوين نون الجمع ، فتقول : هذان صنوان وهؤلاء صنوان.
(٢) كالدقل والحلو والحامض ، وبنو آدم كذلك الأصل واحد والخلاف قائم هذا مؤمن وهذا كافر ، هذا صالح وهذا فاسد ، كما قال الشاعر :
الناس كالنبت والنبت ألوان |
|
منها شجر الصندل والكافور والبان |
ومنها شجر ينضح طول الدهر قطران |
(٣) في هذه الآيات دلائل الوحدانية وعظم الصمدية والإرشاد لمن ضل عن معرفته حيث نبّه تعالى بقوله : (مُتَجاوِراتٌ) ومع تجاورها قطعة عذبة وأخرى ملحة ، قطعة طيّبة وأخرى خبيثة كما أنّ التربة واحدة ، وتسقى بماء واحد وتختلف طعوم الثمار وألوانه وخصائصه ومنافعه فهذا لن يكون صادرا إلّا عن ذي قدرة لا تحدّ وعلم لا ينتهي وحكمة لا يخلو منها شيء ، وهو الله تعالى ، وأين الطبيعة العمياء الصماء التي لا علم لها ولا إرادة من الله خالق كل شيء العليم بكل شيء؟