الْكِتابِ) (١) من الجائز القول : الآيات المؤلفة من مثل هذه الحروف الر ، آلم ، طس ، حم عسق. (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) المبين : المبين للحق والباطل والهدى والضلال وقوله تعالى : (رُبَما (٢) يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) : يخبر تعالى أن يوما سيأتي هو يوم القيامة عند ما يرى الكافر المسلمين يدخلون الجنة ويدخل هو النار يود يومئذ متمنيا أن لو كان من (٣) المسلمين. وقد يحدث الله تعالى ظروفا في الدنيا وأمورا يتمنى الكافر فيها لو كان من المسلمين. وقوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) أي اتركهم يا رسولنا ، أي اترك الكافرين يأكلوا ما شاءوا من الأطعمة ، ويتمتعوا بما حصل لهم من الشهوات والملذات ، ويلههم الأمل عن التفكير في عاقبة أمرهم. إذ همهم طول أعمارهم ، وتحقيق أوطارهم ، فسوف يعلمون إذا ردّوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون أنهم كانوا في الدنيا مخطئين بإعراضهم عن الحق ودعوة الحق والدين الحق وقوله : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) (٤) أي من أهل قرية بعذاب الإبادة والاستئصال (إِلَّا وَلَها كِتابٌ) ، أي لها أجل مكتوب في كتاب محدد اليوم والساعة. وقوله : (.. ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) أي بناء على كتاب المقادير فإن أمة كتب الله هلاكها لا يمكن أن يتقدم هلاكها قبل ميقاته المحدد ، ولا أن يستأخر عنه ولو ساعة. وفي هذا تهديد وتخويف لأهل مكة وهم يحاربون دعوة الحق ورسول الحق لعل قريتهم قد كتب لها كتاب وحدد لها أجل وهم لا يشعرون.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ القرآن الكريم مبين لكل ما يحتاج إليه في إسعاد الإنسان وإكماله.
__________________
(١) لفظ الكتاب الذي هو القرآن أصبح علما بالغلبة على القرآن العظيم الذي أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم وسمي بالكتاب لأنه مأمور بكتابته وحفظه فسمي بالكتاب قبل أن يكتب للأمر بذلك ، والقرآن : اسم ثان للكتاب الذي أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم والكتاب مشتق من الكتب الذي هو الجمع ، والقرآن من القرء الذي هو الجمع أيضا فهو تجمع حروفه وكلماته.
(٢) ربّ : حرف جرّ يدخل على الأسماء ، وإن أريد إدخالها على الأفعال لحقت بها (ما) كما في الآية. وقرأ نافع (رُبَما) بالتخفيف ، وشدّدها غيره في هذه الآية (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ..) الخ وأصل استعمالها في التقليل ، وقد تستعمل في التكثير.
(٣) وقد ورد أنه لما يرى الكافرون وهم في النار أهل التوحيد يخرجون منها يودون لو كانوا موحدين ، والكل وارد ولا مانع منه.
(٤) (مِنْ) : صلة لتقوية النفي وتأكيد الخبر.