معنى الآيات :
قوله تعالى : (فَاخْرُجْ مِنْها) هذا جواب عن قول إبليس ، (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ). الآية إذا فاخرج منها أي من الجنة (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) أي مرجوم مطرود مّبعد ، (وَإِنَّ عَلَيْكَ) لعنتي أي غضبي وإبعادي لك من السموات (إِلى يَوْمِ الدِّينِ) أي إلى يوم القيامة وهو يوم الجزاء. فقال اللعين ما أخبر تعالى به عنه : (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) أي أمهلني لا تمتني (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١) فأجاب الرب تعالى بقوله : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) أي الممهلين (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٢) وهو فناء بني آدم حيث لم يبق منهم أحد وذلك عند النفخة الأولى. فلما سمع اللعين ما حكم به الرب تعالى عليه قال ما أخبر الله عنه بقوله : (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) أي بسبب إغوائك (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) (٣) أي الكفر والشرك وكبائر الذنوب ، و (لَأُغْوِيَنَّهُمْ) أي لأضلنّهم (أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فاستثنى اللعين من استخلصهم الله تعالى لطاعته وأكرمهم بولايته وهم الذين لا يستبدّ بهم غضب ولا تتحكم فيهم شهوة ولا هوى. وقوله تعالى : (قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) أي هذا طريق مستقيم إليّ أرعاه وأحفظه وهو (إِنَّ عِبادِي) (٤) (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (٥) (وَإِنَّ جَهَنَّمَ) لموعدك وموعد أتباعك الغاوين أجمعين (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) إذ هي سبع طبقات لكل طبقة باب فوقها يدخل معه أهل تلك الطبقة ، وهو معنى قوله تعالى : (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) أي نصيب معين وطبقاتها هي : جهنم ، لظى ، الحطمة ، السعير ، سقر ، الجحيم ، الهاوية.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ حرمان إبليس من التوبة لاستمرار غضب الله عليه إلى يوم القيامة.
٢ ـ استجاب الله لشر خلقه وهو إبليس فمن الجائز ان يستجيب الله دعاء الكافر لحكمة يريدها الله تعالى.
__________________
(١) أراد اللعين بسؤاله إلى يوم يبعثون ألّا يموت ، لأنّ يوم البعث لا موت فيه ولا بعده أيضا.
(٢) قال ابن عباس : أراد به النفخة الأولى أي : حين تموت الخلائق.
(٣) التزيين : يشمل أمرين. الأول : تزيين المعاصي والثاني : شغلهم بزينة الدنيا عن فعل الطاعات.
(٤) أي : ليس له سلطان على قلوبهم ، وقال ابن عيينة ، أي : في أن يلقيهم في ذنب.
(٥) (الْغاوِينَ) : الفاسدين بالشرك والمعاصي.