(وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً) : أي تركنا من قرية سدوم التي دمرناها آية بينة وهي خرابها ودمارها وتحولها إلى بحر ميت لا حياة فيه.
(لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : أي يعلمون الأسباب والنتائج إذا تدبروا.
معنى الآيات :
ما زال السياق في قصص لوط عليهالسلام ، إنه بعد أن ذكرهم وخوفهم عذاب الله قالوا كعادة المكذبين الهالكين فائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين وأنه عليهالسلام استنصر ربه تعالى عليهم ، واستجاب الله تعالى له وفي هذه الآية بيان ذلك بكيفيته ، قال تعالى : (١) (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ) الخليل عم لوط (بِالْبُشْرى) (٢) التي هي ولادة ولد له هو إسحق ومن بعده يعقوب ولد إسحق عليهالسلام كما قال تعالى : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ). (قالُوا) أي قالت الملائكة لإبراهيم (إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) يريدون قرية قوم لوط وهي سدوم وعللوا لذلك بقولهم (إِنَّ أَهْلَها كانُوا (٣) ظالِمِينَ) أي لأنفسهم بغشيان الذنوب وإتيان الفواحش ، ولغيرهم إذ كانوا يقطعون السبيل وهنا قال لهم إبراهيم : (إِنَّ فِيها لُوطاً) ليس من الظالمين بل هو من عباد الله الصالحين فأجابته الملائكة فقالوا : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها) منك يا إبراهيم. (لَنُنَجِّيَنَّهُ (٤) وَأَهْلَهُ) من الهلاك (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) وذلك لطول عمرها فسوف تهلك معهم لكفرها وممالأتها للظالمين. وقوله تعالى : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) أي ولما وصلت الملائكة لوطا قادمين من عند إبراهيم من فلسطين (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أي استاء بهم وأصابه غم وهم خوفا من قومه أن يسيئوا إليهم ، وهم ضيوفه نازلون عليه ولما رأت ذلك الملائكة منه طمأنوه بما أخبر به تعالى في قوله : (وَقالُوا لا تَخَفْ) أي علينا (وَلا تَحْزَنْ) على من سيهلك من أهلك مع قومك الظالمين. (إِنَّا مُنَجُّوكَ) من العذاب أنت وأهلك أى زوجتك المؤمنة وبنتيك ، (إِلَّا امْرَأَتَكَ) أي العجوز الظالمة فإنها (مِنَ الْغابِرِينَ) الذين طالت أعمارهم وستهلك مع الهالكين. وقوله تعالى فى الآية (٣٤) : (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ
__________________
(١) (لَمَّا) حرف وجود لوجود نحو : لما جاء الحق ذهب الباطل. وهي أداة تدل على التوقيت كما هي ظرف ملازم للاضافة إلى جملة بعدها.
(٢) البشرى : اسم للبشارة التي هي : الإخبار بما يسرّ المخبر.
(٣) الجملة تعليلية لما تقدمها من الإهلاك.
(٤) قرأ الجمهور نافع وحفص : (مُنَجُّوكَ) بتشديد الجيم ، وقرأ ابن كثير منجوك بتخفيفها من : أنجاه ينجيه ، ونجي وأنجى بمعنى.