شرح الكلمات :
(سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) : أي بعد اختبارنا لك.
(فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ) : أي إلى رجال القصر وهم في مجلس الحكم.
(ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) : أي تنح جانبا متواريا مستترا عنهم.
(فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) : أي ما ذا يقوله بعضهم لبعض في شأن الكتاب.
(يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) : أي يا أشراف البلاد وأعيانها وأهل الحل والعقد فيها.
(أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) : أي ألقاه في حجرها الهدهد.
(أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَ) : أي لا تتكبروا انقيادا للنفس والهوى.
(وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) : أي منقادين خاضعين.
معنى الآيات :
(قالَ سَنَنْظُرُ) (١) أي قال سليمان للهدهد بعد أن أدلى الهدهد بحجته (٢) على غيبته سننظر باختبارنا لك (أَصَدَقْتَ) فيما ادعيت وقلت (أَمْ كُنْتَ (٣) مِنَ الْكاذِبِينَ) أي من جملتهم. وبدأ اختباره فكتب كتابا وختمه وقال له (اذْهَبْ بِكِتابِي) (٤) (هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) أي تنح جانبا مختفيا عنهم (فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) من القول في شأن الكتاب أي ما يقول بعضهم لبعض في شأنه ، وفعلا ذهب الهدهد بالكتاب ودخل القصر من كوة فيه وألقى الكتاب في حجر الملكة بلقيس فارتاعت له وقرأته ثم قالت (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) مخاطبة أشراف قومها (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) وصفته بالكرم لما حواه من عبارات كريمة ، ولأنه مختوم وختم الكتاب كرمه ونصّ الكتاب كالتالي [من عبد الله سليمان بن داوود إلى
__________________
(١) من الجائز أن يكون سليمان قد خشي أن يكون الكلام الذي سمعه من الهدهد ألقى به الشيطان على الهدهد ليضلل سليمان ويفتنه بالبحث عن مملكة موهومة ، فلذا قال عليهالسلام (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ).
(٢) في الآية دليل على أن الحاكم يجب عليه أن يقبل عذر المواطن ويدرأ العقوبة عنه بظاهر حاله وباطن عذره ، وفي الصحيح : (ليس أحد أحبّ إليه العذر من الله من أجل ذلك أنزل الكتب وأرسل الرسل) وللحاكم أن يمتحن المواطن المعتذر حتى يعرف عذره.
(٣) (أَمْ كُنْتَ) بمعنى : أنت.
(٤) في الآية دليل على وجوب إرسال الكتب إلى المشركين ودعوتهم إلى الإسلام وتبليغهم دعوة الله عزوجل ، وقد كتب النبي صلىاللهعليهوسلم إلى قيصر وكسرى والمقوقس وغيرهم.