(حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) : أي ونصر المؤمنين أحققناه حقا وأوجبناه علينا فهو كائن لا محالة.
معنى الآيات
ما زال السياق الكريم في تقرير ألوهية الله تعالى وعدله ورحمته ، فقال تعالى (وَمِنْ آياتِهِ) أي ومن آياتنا الدالة على ألوهيتنا وعدلنا في خلقنا ورحمتنا بعبادنا إرسالنا الرياح مبشرات (١) عبادنا بقرب المطر الذي به حياة البلاد والعباد فإرسال الرياح أمر لا يقدر عليه إلا الله ، وتدبير يقصر دونه كل تدبير ورحمة تعلو كل رحمة. وقوله : (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) أي بإنزال المطر المترتب عليه الخصب والرخاء ، وقوله : (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) أي السفن في البحر إذ الرياح كانت قبل اكتشاف البخار هي المسيرة للسفن في البحر صغيرها وكبيرها. وقوله (بِأَمْرِهِ) (٢) أي بإذنه وإرادته وتدبيره الحكيم ، وقوله : (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي لتطلبوا الرزق بالتجارة في البحر من إقليم إلى آخر تحملون البضائع لبيعها وشرائها وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي فعل الله تعالى بكم ذلك فسخره لكم وأقدركم عليه رجاء أن تشكروا ربكم بالإيمان به وبطاعته وتوحيده في عبادته. فهل أنتم يا عباد الله شاكرون؟ ، وقوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يا رسولنا (رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) كنوح وهود وصالح وابراهيم ولوط وشعيب عليهمالسلام فجاءوا أقوامهم بالبيّنات والحجج النيرات كما جئت أنت قومك فكذبت تلك الأقوام رسلهم (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) فأهلكناهم ، ونجينا الذين آمنوا (وَكانَ حَقًّا (٣) عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ألا فلتعتبر قريش بهذا وإلا فستحلّ بها نقمة الله فيهلك الله المجرمين وينجي رسوله والمؤمنين كما هي سنته في الأولين والحمد لله رب العالمين.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١) تقرير الربوبية لله المستلزمة لألوهيته بذكر مظاهر القدرة والعلم والرحمة والعدل.
__________________
(١) قيل في الرياح مبشرات لأنها تتقدم المطر فهي كالمبشرة بمجيئه.
(٢) قال يأمره لأن الرياح قد تهب ولا تكون مواتية فيتعين إرساء السفن والاحتيال على حبسها إذ ربما عصفت بها الرياح فاغرقتها فمن هنا قال بأمره والا فالرياح وحدها لن تغرق السفن وتعوقها عند السير.
(٣) حقا هذه الكلمة من صيغ الالتزام يقال فلان محفوف بكذا أي لازم له شاهده في قول الأعشى :
لمحفوفة أن تستجيبي لصوته
(حَقًّا) خبر كان مقدم على اسمها وهو (نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ولا التفات إلى من رأى الوقف على (حقا).