(وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) : أي بأن تطلق منهن وتتزوج أخرى بدل المطلقة لا. لا.
(وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) : ما ينبغي أن تطلق من هؤلاء التسع وتتزوج من أعجبك حسنها.
(إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) : أي فالأمر في ذلك واسع فلا حرج عليك في التسرى بالمملوكة ، وقد تسرى صلىاللهعليهوسلم بمارية المهداة إليه من قبل ملك مصر وولدت له إبراهيم ومات في سن رضاعه عليهالسلام.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في شأن التيسير على رسول الله صلىاللهعليهوسلم والتخفيف فقد تقدم أنه أحل له النساء يتزوج من شاء مما ذكر له وخصه بالواهبة نفسها يتزوجها بدون مهر ولا ولي وفي هذه الآية الكريمة (٥١) (تُرْجِي (١) مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) الآية وسع الله تعالى عليه بأن أذن له في أن يعتزل وطء من يشاء ، وأن يرجىء من يشاء ، وأن يؤوي إليه ويضم من يشاء وأن يطلب من اعتزلها إن شاء فلا حرج عليه في كل ذلك ، ومع هذا فكان يقسم بين نسائه ، ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك اللهم إلا ما كان من سودة رضى الله عنها فإنها وهبت ليلتها لعائشة رضى الله عنها. هذا ما دل عليه قوله تعالى : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) (٢) وقوله ذلك أدنى أي ذلك التخيير لك في شأن نسائك أقرب أن تقر أعينهن أي يفرحن بك ، ولا يحزن عليك ، ويرضين بما تتفضل به عليهن من إيواء ومباشرة.
وقوله تعالى (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) أي أيها الناس من الرغبة في المخالطة ، وميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض ، وإنما خيّر الله رسوله هذا التخيير تيسيرا عليه وتخفيفا لما له من مهام لا يطمع فيها عظماء الرجال ولو كان في القوة والتحمل كالجبال أو الجمال.
وقوله تعالى (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) أي بخلقه وحاجاتهم. حليما عليهم لا يعاجل بالعقوبة ويقبل ممن تاب التوبة.
__________________
(١) (تُرْجِي) بدون همزة وترجىء مهموز لغتان فصيحتان من أرجى وأرجأ الأمر إذا أخره والآية تحمل التوسعة والتخفيف عنه صلىاللهعليهوسلم فاسقط عنه واحب القسم بين أزواجه ومع هذا فكان يقسم. لأن الآية تفيد التخيير والاذن لا غير.
(٢) الجناح الميل يقال جنحت السفينة إذا مالت إلى الأرض أي لا ميل عليك بلوم أو توبيخ أو عتاب. في الآية وجوب القسمة بين الزوجات والعدل بينهن فيعطي لكل زوجة يوما وليلة فيقيم عندها في يومها ولو كانت مريضة أو نفساء أو حائضا وإن مرض هو فكذلك إلا أن يأذن له بالتمريض عند إحداهن كما استأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فأذن له في ذلك.