(وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) : أصغر من الذرة ولا أكبر منها.
(إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) : أي موجود في اللوح المحفوظ مكتوب فيه.
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) : أي اثبته في اللوح المحفوظ ليحاسب به ويجزى صاحبه.
(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا) : أي عملوا على إبطالها وسعوا في ذلك جهدهم.
(مُعاجِزِينَ) : أي مغالبين لنا ظانين عجزنا عنهم ، وأنهم يفوتوننا فلا نبعثهم ولا نحاسبهم ولا نجزيهم.
(عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) : أي عذاب من أقبح العذاب وأسوأه.
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) : أي ويعلم الذين اوتوا العلم وهم علماء أهل الكتاب كعبد الله ابن سلام وأصحابه.
(الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ) : أي القرآن هو الحق الموحى به من الله تعالى.
(وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) : أي القرآن يهدي إلى صراط الله الموصل الى رضاه وجواره الكريم وهو الإسلام. والعزيز ذو العزة والحميد المحمود.
معنى الآيات :
بعد ما قررت الآيات السابقة توحيد الله في ربوبيته وألوهيته ذكر تعالى في هذه الآيات تقرير عقيدة البعث والجزاء فقال تعالى مخبرا بما قاله منكروا البعث والجزاء : (وَقالَ الَّذِينَ (١) كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) (٢) وهو انكار منهم للبعث إذ الساعة هي ساعة الفناء والبعث بعدها ، وأمر رسوله أن يقول لهم : (بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) أي أقسم لهم بالله تعالى ربه ورب كل شيء لتأتينهم أحبوا أم كرهوا ثم أثنى الرب تبارك وتعالى على نفسه بصفة العلم إذ البعث يتوقف على العلم كما يتوقف على القدرة والقدرة حاصلة ، إذ خلقهم ورزقهم ويميتهم. فذكر تعالى أنه عالم الغيب وهو (٣) كل ما غاب في السموات وفي الأرض. وأخبر أنه لا يعزب أي لا يغيب عن علمه مثقال ذرة أي (٤) وزن ذرة في السموات ولا في الأرض ، ولا أصغر من الذرة ولا أكبر أيضا إلا في كتاب مبين أي
__________________
(١) روى أن أبا سفيان هو الذي قال هذه المقالة حيث قال لإخوانه من أهل الكفر بمكة واللات والعزى لا تأتينا الساعة ابدا ولا نبعث فأمر الله تعالى رسوله أن يرد عليه دعواه بقوله (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) الآية.
(٢) الساعة علم بالغلبة في القرآن على يوم القيامة وساعة النشر والحشر.
(٣) قرأ نافع وعنه ورش عالم بالرفع على الابتداء وقرأ حفص بالخفض نعت لاسم الجلالة.
(٤) قال القرطبي مثقال ذرة أي قدر نملة صغيرة.