(إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) : أي الأرضة.
(تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) : أي عصاه بلغة الحبشة.
(فَلَمَّا خَرَّ) : أي سقط على الأرض ميتا.
(تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) : أي انكشف لها فعرفت.
(فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) : وهو خدمة سليمان في الأعمال الشاقة.
معنى الآيات :
يذكر تعالى في هذا السياق الكريم مظاهر قدرته وإنعامه على عباده المؤمنين ترغيبا في طاعته وترهيبا من معصيته فيقول : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ (١) مِنَّا فَضْلاً) وهو النبوة والزبور «كتاب» والملك. وقلنا للجبال (أَوِّبِي) مع سليمان أي ارجعي صوت تسبيحه (٢) والطير أمرناها كذلك فكان إذا سبح ردد تسبيحه الجبال والطير. وهذا تسخير لا يقدر عليه الا الله. وقوله : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (٣) وهذا امتنان آخر وهو تسخير الحديد له وتليينه حتى لكأنه عجينة يتصرف فيها كما شاء ، وقلنا له اعمل دروعا طويلة سابغات تستتر بها في الحرب ، (وقدر في السرد (٤)) وقوله (وَاعْمَلُوا صالِحاً) (٥) أي اعملوا بطاعتي وترك معصيتي فأدوا الفرائض والواجبات واتركوا الاثم والمحرمات. وقوله : (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيه وعد ووعيد إذ العلم بالأعمال يستلزم الثواب عليها إن كانت صالحة والعقاب عليها إن كانت فاسدة.
وقوله تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) أي سخرنا لسليمان بن داود الريح (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) أي تقطع مسافة شهر في الصباح ، وأخرى في المساء أي من منتصف النهار إلى الليل فتقطع مسيرة شهرين في يوم واحد ، وذلك أنه كان لسليمان مركب من لحشب يحمل فيه الرجال والعتاد وترفعه الجان من الأرض فإذا ارتفع جاءت عاصفة فتحملها ثم تتحول الى رخاء فيوجه سليمان السفينة حيث شاء بكل ما تحمله وينزل بها كسفينة فضاء تماما. وقوله تعالى (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) وهو النحاس فكما ألآن لداود الحديد للصناعة أجرى لسليمان عين النحاس لصناعته فيصنع ما شاء من آلات وأدوات النحاس.
__________________
(١) بين تعالى بهذه الآية أن إرسال نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم لم يكن أمرا خارقا للعادة ولا منافيا لمقتضيات العقول إذا أرسل من قبله رسلا وآتى داود من الإنعام ما قرر به رسالته وأثبت به نبوته وكذا ولده سليمان عليهماالسلام.
(٢) والطير منصوب بالعطف على المنادى «يا جبال». لأن المعطوف المعرف على المنادي يجوز نصبه ورفعه والنصب أولى.
(٣) الحديد تراب معدني إذا صهر بالنار امتزج بعضه ببعض ولان وأمكن تطريقه وتشكيله فإذا برد تصلب.
(٤) قدر الشيء جعله على قدر معيّن والسرد هو تركيب حلقها ومساميرها بصورة متناسبة بحيث لا يعظم المسمار فيغلق الحلقة ، ولا يرق فلا تمسكه.
(٥) لمّا عدد عليه نعمه أمره بشكره وهو العمل الصالح الشامل للحمد والشكر والطاعة والصبر.