بالنار. وقوله (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (١) ، يخبر تعالى أن رسوله محمدا ليس الرسول الوحيد الذي أرسل في أمة بل إنه ما من أمة من الأمم الا مضى فيها نذير ، فلا يكون إرساله عجبا لكفار قريش إذ هذه سنة الله تعالى في عباده يرسل إليهم من يهديهم إلى نجاتهم وسعادتهم ثم قال لرسوله صلىاللهعليهوسلم معزيا له مسليا (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) فلم (٢) يكونوا أول من كذب فقد كذب الذين من قبلهم (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) أي جاءتهم رسلهم بالحجج القواطع والبراهين السواطع ، والمعجزات الخوارق ، وبالصحف والكتب المنيرة لسبيل الهداية وطريق النجاة والفلاح. ومنهم من آمن ومنهم من كذب وكفر وبعد إمهال وإنظار دلّ عليه العطف بثم أخذ الذين كفروا بعذاب ملائم لكفر الكافرين. (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٣) أي فكيف كان إنكارى عليهم بالعقوبة الشديدة والإهلاك التام إنه كان واقعا موقعه ، موافيا لطالبه بكفره وعناده.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ استحسان ضرب الأمثال للكشف عن الحال وزيادة البيان.
٢ ـ الكفار عمى لا بصيرة لهم ، وأموات لا حياة فيهم ، والدليل عدم انتفاعهم بحياتهم ولا بأسماعهم ولا أبصارهم.
٣ ـ تقرير نبوّة الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم وتأكيد رسالته.
٤ ـ تسلية الدعاة ليتدرّعوا بالصبر ويلتزموا الثبات.
٥ ـ بيان سنة الله في المكذبين الكافرين وهي أخذهم عند حلول أجلهم.
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
__________________
(١) أي سلف فيها نبي قال ابن جريج إلا العرب إذ أراد أنه لم يخل فيهم نذير مطلقا فهذا غير صحيح إذ بعث فيهم إسماعيل وتبع وغيرهما وإن أراد في الزمن القريب فهذا صحيح.
(٢) في الآيات تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم ظاهرة تطلبها المقام حيث أصر المشركون على تكذيبه وعدم الإيمان بما جاءهم به من الهدى والدين الحق.
(٣) استفهام مستعمل في التعجب من حالهم مفرع بالفاء على قوله أخذت الذين كفروا والنكير اسم لشدة الإنكار وهو هنا كناية عن شدة العقاب لأن الإنكار يستلزم الجزاء على الفعل المنكر بالعقاب وحذفت ياء المتكلم في نكيري تخفيفا ولرعاية الفواصل في الوقف.