معنى الآيات :
قوله تعالى (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ) أي قوم (١) حبيب بن النجار (مِنْ بَعْدِهِ) أي بعد موته (مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ) للانتقام من قومه الذين قتلوه لأنه أنكر عليهم الشرك ودعاهم إلى التوحيد وما كنا منزلين إذ لا حاجة تدعو إلى ذلك. (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) من (٢) جبريل عليهالسلام فإذا هم خامدون أي هلكى ساكنون ميتون لا حراك لهم ولا حياة فيهم وقوله تعالى (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) أي يا حسرة العباد (٣) على أنفسهم احضري أيتها الحسرة (٤) هذا أوان حضورك (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ (٥) يَسْتَهْزِؤُنَ) هذا موجب الحسرة ومقتضيها وهو استهزاؤهم بالرسل. وقوله تعالى (أَلَمْ يَرَوْا) أي أهل مكة (كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) أي ألم يعلموا القرون الكثيرة التي أهلكناها قبلهم كقوم نوح وعاد وثمود وأصحاب مدين ، (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) فيكون هذا هاديا لهم واعظا فيؤمنوا ويوحدوا فينجوا من العذاب ويسعدوا. وقوله تعالى (وَإِنْ كُلٌ) أي (٦) من الأمم الهالكة وغيرها من سائر العباد (لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) أي إلا لدينا محضرون لفصل القضاء يوم القيامة فينجو المؤمنون ويهلك الكافرون.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ مظاهر قدرة الله تعالى في إهلاك أهل انطاكية بصيحة واحدة.
٢ ـ إبداء التحسر على العباد من أنفسهم إذ هم الظالمون المكذبون فالحسرة منهم وعليهم.
٣ ـ حرمة الاستهزاء بما هو من حرمات الله تعالى التي يجب تعظيمها.
٤ ـ طلب العبرة من أخبار الماضين وأحوالهم ، والعاقل من اعتبر بغيره.
٥ ـ تقرير المعاد والحساب والجزاء.
__________________
(١) هذا تابع لقصة حبيب بن النجار صاحب ياسين والجملة معطوفة على جملة قيل ادخل الجنة.
(٢) كون جبريل هو الذي صاح فيهم وارد عند أهل التفسير فإن ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم وجب الإيمان به وإلا فلا يجب ولا يلزم الإيمان به إذ جائز أن يكون ملكا آخر غير جبريل.
(٣) العباد جمع عبد من عباد الله تعالى والعبيد جمع عبد مملوك للناس.
(٤) الحسرة شدة النّدم مشوبا بتلهف على نفع فائت.
(٥) الاستثناء مفرغ من أحوال عامة من الضمير في (يَأْتِيهِمْ) أي لا يأتيهم رسول في حال من أحوالهم إلا استهزأوا به.
(٦) قرأ نافع وإن كل لما بتخفيف الميم وشددها حفص فعلى تخفيفها تكون إن مخففة من الثقيلة واللام هي اللام الفارقة وما مزيدة للتوكيد. وإن قدرت ما نافية وجب تشديد لما إذ تكون بمثابة الاستثناء أي وما كلهم إلا محضرون لدينا.