المؤمنين فأنجيناهم بإيمانهم وتوحيدهم وأغرقنا المشركين فهي آية واضحة عن رضا الله تعالى عن المؤمنين الموحدين وسخطه على الكافرين المشركين المكذبين إن في هذا الإنجاء للموحدين والإغراق للمشركين آية وعبرة لو كان مشركو قريش في مكة يفقهون. وقوله تعالى (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) وهذه آية أخرى أيضا وهي أن الله أنجى الموحدين في فلك لم يسبق له مثيل ثم خلق لهم مثله ما يركبون إلى يوم القيامة ولو شاء عدم ذلك لما كان لهم فلك إلى يوم القيامة وآية أخرى (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) وهي قدرته تعالى على إغراق ركاب السفن الكافرين وإن فعلنا لم يجدوا صارخا (١) ولا مغيثا يغيثهم وينجيهم من الغرق (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) (٢) اللهم إلا رحمتنا فإنها تنالهم فتنجيهم ليتمتعوا في حياتهم بما كانوا يتمتعون به إلى حين حضور آجالهم المحدودة لهم. وقوله تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٣) أي وإذا قيل لهؤلاء المكذبين بآيات الله المعرضين عن دينه المشركين به اتقوا ما بين أيديكم من العذاب حيث موجبه قائم وهو كفركم وعنادكم ، وما خلفكم من عذاب الآخرة إذ مقتضيه موجود وهو الشرك والتكذيب رجاء أن ترحموا فلا تعذبوا أعرضوا كأنهم لم يسمعوا. وقوله (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ) كلام ربهم القرآن الكريم تحمل الحجج والبراهين على صحة ما يدعون إليه من الإيمان والتوحيد إلا كانوا عنها معرضين تمام الإعراض كأن قلوبهم قدت من حجر والعياذ بالله تعالى. (٤)
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان فضل الله على البشرية في إنجاء ذريّة قوم نوح الكافرين ومنهم كان البشر وإلا لو أغرق الله الجميع المؤمنين الذريّة والكافرين الآباء لم يبق في الأرض أحد.
٢ ـ حماية الله تعالى للعباد ورعايته لهم وإلّا لهلكوا أجمعين ولكن أين شكرهم؟
٣ ـ بيان إصرار كفار قريش وعنادهم الأمر الذي لم يسبق له مثيل.
٤ ـ الإشارة بالمثلية في قوله (مِنْ مِثْلِهِ) إلى تنوع السفن من البوارج والغواصات والطربيدات الحربية.
__________________
(١) الصريخ هو الصارخ وهو المستغيث المستنجد تقول العرب جاءهم الصريخ أي المنكوب المستنجد لينقذوه وهو فعيل بمعنى فاعل.
(٢) الاستثناء منقطع فهو بمعنى لكن لأن الرحمة ليست من جنس المستثنى منه وهو الصريخ.
(٣) جواب (إِذا) محذوف تقديره أعرضوا وقد ذكر في التفسير.
(٤) الجملة واقعة موقع التذيل وتحمل معنى التأكيد لما سبق من معنى وهو أنهم إذا دعوا إلى التوحيد والإيمان بالبعث والجزاء أعرضوا ولم يستجيبوا.