والشرب إذ تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون.
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) : أي فلا يقدر أحدهم أن يوصي وصيّة.
(وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) : بل يهلكون في أماكنهم من الأسواق والمزارع والمصانع أو المقاهي والملاهي.
(فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ) : أي القبور إلى ربهم ينسلون أي يخرجون بسرعة.
(قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) : أي قال الكفار : من بعثنا من قبورنا؟
(هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) : أي هذا ما وعد به الرحمن وصدق المرسلون أي فيما أخبروا به.
معنى الآيات :
قوله تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) (١) أي وإذا قيل لأولئك المشركين المكذبين الملاحدة والقائل هم المؤمنون فقد روي أن أبا بكر الصديق كان يطعم مساكين المسلمين فلقيه أبو جهل فقال يا أبا بكر أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء؟ قال : نعم. قال : فما باله لا يطعمهم؟ قال ابتلى قوما بالفقر وقوما بالغنى وأمر الفقراء بالصبر ، وأمر الأغنياء بالإعطاء ، فقال أبو جهل ، والله يا أبا بكر إن أنت إلا في ضلال مبين. أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء ، وهو لا يطعمهم ثم تطعمهم أنت فنزلت هذه الآية وبهذه الرواية اتضح معنى الآية الكريمة (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) أي للكفار (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) على المساكين (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا) الآمرين لهم بالإنفاق (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) قالوا هذا استهزاء وكفرا (إِنْ أَنْتُمْ) أي ما أنتم أيها المسلمون (إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي إلا في ذهاب عن الحق وجور عن الرشد مبين لمن تأمله وتدبّر فيه. وقوله (وَيَقُولُونَ مَتى (٢) هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ويقول أولئك الملاحدة المكذبون بالبعث استهزاء واستعجالا : متى هذا الوعد الذي تعدوننا به أيها المسلمون إن كنتم صادقين في دعواكم.
__________________
(١) اختلف في من هذه قولته؟ وما في التفسير وأنها قولة أبي جهل لأبي بكر أرجحها وأقربها إلى واقع الحال وألصق بالسياق ولا مانع أن يقولها الزنادقة والملاحدة والمستهزئين في كل زمان ومكان.
(٢) الاستفهام للاستبعاد وهو مشوب بالسخرية والاستخفاف لأنه ناجم عن قلوب مظلمة من جراء الكفر والإلحاد قال الشاعر :
متى يأت هذا الموت لا يلف حاجة |
|
لنفس إلا قد قضيت قضاءها |
والشاهد في الاستخفاف.