معنى الآيات :
على إثر ذكره تعالى إهلاك المنذرين وإنجائه المؤمنين من عباده المخلصين ذكر قصة تاريخية لذلك وهي نوح وقومه حيث أنذر نوح قومه ولما جاء العذاب أنجى الله عباده المخلصين وأهلك المكذبين المنذرين فقال تعالى في ذكر هذه القصة الموجزة (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) أي دعانا لنصرته من قومه (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ) وقال (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) نحن له (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ) باستثناء امرأته وولده كنعان (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) وهو عذاب الغرق. وقوله (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) إلى يوم القيامة وهذا جزاء له على صبره في دعوته وإخلاصه وصدقه فيها إذ كل الناس اليوم من أولاده الثلاثة وهم (١) سام وهو أبو العرب والروم وفارس ، وحام وهو أبو السودان ويافث وهو أبو الترك والخزر وهم التتار ضيقوا العيون ولهذا سموا الخزر من خزر العين وهو ضيقها وصغرها ، ويأجوج ومأجوج ، وقوله (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (٢) أي في أجيال البشرية التي أتت بعده وهو الذكر الحسن والثناء العطر المعبر عنه بقوله تعالى (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) وقوله تعالى (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي كما جزينا نوحا لإيمانه وصبره وتقواه وصدقه ونصحه وإخلاصه نجزي المحسنين في إيمانهم وتقواهم وهذه بشرى للمؤمنين وقوله (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ثناء عليه وبيان لعلة الإكرام والإنعام عليه. ودعوة إلى الإيمان بالترغيب فيه ، وقوله (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) أي أغرقناهم بالطوفان بكفرهم وشركهم وتكذيبهم بعد أن أنجينا المؤمنين.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان إكرام الله لأوليائه ، وإهانته لإعدائه.
٢ ـ إجابة دعاء الصالحين لا سيما عند ما يظلمون.
٣ ـ فضل الإحسان وحسن عاقبة أهله.
٤ ـ فضل الإيمان وكرامة أهله عند الله في الدنيا والآخرة.
٥ ـ قول سلام على نوح في العالمين إذا قاله المؤمن حين يمسي (٣) أو يصبح يحفظه الله تعالى من
__________________
(١) عن سعيد بن المسيب قال ولد نوح عليهالسلام ثلاثة : سام ويافث وحام وولد كل واحد من هؤلاء الثلاث ثلاثة فولد سام العرب وفارس والروم : وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج وولد حام القبط والسودان والبربر.
(٢) قال ابن عباس رضي الله عنهما يذكر بخير ، قال مجاهد لسان صدق في الأنباء.
(٣) وقال سعيد بن المسيب وبلغني أنه من قال حين يمسي «سلام على نوح في العالمين لم تلدغه عقرب» ذكره أبو عمرو ابن عبد البر في التمهيد ونقله عنه القرطبي.