معنى الآيات :
ما زال السياق في ذكر إنعام الله على من اصطفى من عباده فقال تعالى (وَإِنَّ لُوطاً) وهو ابن هاران أخي إبراهيم (١) عليهماالسلام (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أي لمن جملة رسلنا (إِذْ نَجَّيْناهُ) أي اذكر إنعامنا عليه إذ نجيناه من العذاب وأهله اجمعين (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) وهي امرأته إذ كانت مع الكافرين فبقيت معهم فهلكت بهلاكهم. وقوله تعالى (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) أي ممن عدا لوطا ومن آمن به من قومه. وقوله (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ (٢) عَلَيْهِمْ (٣) مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ) هذا خطاب لأهل مكة المشركين إذ كانوا يسافرون للتجارة إلى الشام وفلسطين ويمرون بالبحر الميت وهو مكان الهالكين من قوم لوط أصبح بعد الخسف بحرا ميتا لا حياة فيه البتة. وقوله (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٤) توبيخ لهم وتقريع على عدم التفكر والتدبر إذ لو فكروا لعلموا أن الله تعالى أهلكهم لتكذيبهم برسولهم وكفرهم بما جاءهم به من الهدى والدين الحق ، وقد كذب هؤلاء فأي مانع يمنع من وقوع عذاب بهم كما وقع بقوم لوط من قبلهم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير نبوة لوط ورسالته.
٢ ـ بيان العبرة في إنجاء لوط والمؤمنين معه وإهلاك الكافرين المكذبين به.
٣ ـ بيان أن لا شفاعة تنفع (٥) ولو كان الشافع أقرب قريب إلا بعد أن يأذن الله للشافع وبعد رضائه (٦) عن المشفوع له.
٤ ـ وجوب التفكر والتعقل في الأحداث الكونية للاهتداء بذلك إلى معرفة سنن الله تعالى في الكون والحياة.
__________________
(١) يقال مرّ به ومر عليه بمعنى إلا أن التمكن والمباشرة بالممرور به بعلى أكثر منه بالباء ومصبحين حال منصوب على الحالية بالياء والنون لأنه جمع سلامة للمذكر.
(٢) جيء بالمضارع في لتمرون للايقاظ والاعتبار لا في حقيقة الإخبار.
(٣) خرج لوط مع عمه ابراهيم عليهالسلام بعد حادثة القاء ابراهيم في النار ونجاته منها فآمن له لوط وخرج معه مهاجرا فأرسله الله تعالى إلى أصحاب المؤتفكات وهي قرى سدوم وعمورة.
(٤) الاستفهام للإنكار والتقريع على جهالتهم وغفلتهم وعدم استعمال عقولهم للاهتداء.
(٥) أخذ هذا الحكم من كون لوط عليهالسلام لم يشفع لزوجه في النجاة من الهلاك الذي أصاب المفسدين وذلك لكفرها وفسادها.
(٦) الرضاء : الاسم من رضي ، يرضى ، رضى فهو راض.