(وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) : أي ذللهما فلا يزالان يدوران في فلكيهما إلى نهاية الحياة وبدورتهما تتم مصالح سكان الأرض.
(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : هي آدم عليهالسلام.
(ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) : هي حواء خلقها الله تعالى من ضلع آدم الأيسر.
(وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ) : أي أنزل المطر فأنبت العشب فخلق الأنعام فهذا وجه لإنزالها.
(ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) : أي من الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين.
(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) : أي أطوارا طورا بعد طور نطفة فعلقة فمضغة.
(فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) : أي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة.
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) : أي لا تحمل نفس ذات وزر وزر نفس أخرى.
(إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : أي ما يخفيه المرء في صدره وما يسره في ضميره.
معنى الآيات :
هذه الآيات الكريمة في تقرير التوحيد بذكر الأدلة والبراهين التي لا تدع للشك مجالا في نفوس العقلاء فقال تعالى في الآية (٥) (خَلَقَ السَّماواتِ (١) وَالْأَرْضَ) أي أوجدهما خلقا على غير مثال سابق وخلقهما بالحق لغايات سامية شريفة وليس للباطل والعبث ومن تلك الغايات أن يعبد فيها فيذكر ويشكر. وقوله (يُكَوِّرُ (٢) اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) أي يغشى هذا هذا فيغطيه به ويستره كأنما لفّه عليه وغشاه به وهذا برهان ثان فالأول برهان الخلق للسموات والأرض وبرهان ثالث في قوله (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ (٣) مُسَمًّى) يدوران في فلكيهما إلى قيام الساعة وفي ذلك من الفوائد والمصالح للعباد ما لا يقادر قدره من ذلك معرفة عدد السنين والحساب. وقوله (أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (٤) إعلان وتنبيه بأنه تعالى عزيز في بطشه وانتقامه من أعدائه غفّار لعباده التائبين إليه. وقوله تعالى في الآية (٦) (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) هي آدم عليهالسلام فقد صح أنه
__________________
(١) هذه الجملة بيان لجملة هو الله الواحد القهار.
(٢) وهذه الجملة بيان ثان أيضا وحقيقة التكوير أنه اللف واللي يقال كور العمامة على رأسه إذا لفها ولوّاها وهذا تمثيل بديع لتعاقب الليل والنهار.
(٣) كل التنوين للعوض أي كل واحد منهما يجري لأجل مسمى هو أجل فنائهما.
(٤) استئناف ابتدائي وجملة فإنكم الخ استدلال على صفة العزة والمغفرة في العزيز الغفار.