جميلا. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٨) أما الآية الثانية (٩) فيقول تعالى (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) (١) أي مطيع لله ورسلوه في أمرهما ونهيهما (آناءَ اللَّيْلِ) أي ساعات الليل تراه ساجدا في صلاته أو قائما يتلو آيات الله في صلاته ، وفي نفس الوقت هو يحذر عذاب الآخرة ويسأل الله تعالى أن يقيه منه ، ويرجو رحمة ربّه وهي الجنة أن يجعله الله من أهلها أهذا خير أم ذلك الكافر الذي قيل له تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار ، والجواب معلوم للعقلاء (٢) وقوله تعالى (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) محاب الله ومكارهه وهم يعملون على الإتيان بمحابّ الله تقربا إليه ، وعلى ترك مكارهه تحببا إليه ، هل يستوى هؤلاء العاملون مع الذين لا يعلمون ما يحب وما يكره فهم يتخبطون في الضلال تخبط الجاهلين؟ والجواب لا يستوون وإنما يتذكر بمثل هذا التوجيه الإلهي والإرشاد الرباني أصحاب الألباب أي العقول السليمة الراجحة.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير التوحيد وإبطال الشرك والتنديد.
٢ ـ الكشف عن داخلية الإنسان قبل أن يؤمن ويسلم وهو أنه إنسان متناقض لا خير فيه ولا رشد له ، فلا يرشد ولا يكمل إلا بالإيمان والتوحيد.
٣ ـ بشرى الضالين عن سبيل الله المضلين عنه بالنار.
٤ ـ مقارنة بين القانت المطيع ، والعاصي المضل المبين ، وبين العالم والجاهل ، وتقرير أفضلية المؤمن المطيع على الكافر العاصي. وأفضلية العالم بالله وبمحابه ومكارهه والجاهل بذلك.
٥ ـ فضل العالم على الجاهل لعمله بعلمه ولو لا العمل بالعلم لاستويا في الخسّة والانحطاط.
(قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠)
__________________
(١) قرأ نافع أمن هو قانت بتخفيف الميم ـ وقرأ حفص (أَمَّنْ) بتشديدها وجائز أن تكون الهمزة همزة استفهام ومن مبتدأ والخبر مقدر نحو أمن هو قانت أفضل أم من هو كافر وعلى قراءة التشديد فالهمزة للاستفهام وآمن كلمتان أم المعادلة أدغمت في من المبتدأ وجائز أن تكون أم منقطعة لمجرد الإضراب الانتقالي.
(٢) وهو أنهما لا يستويان بحال من الأحوال.