(دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) : أي سأل ربّه كشف ما أصابه من ضر راجعا إليه معرضا عمن سواه.
(إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ) : أي أعطاه نعمة منه بأن كشف ما به من ضر.
(نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) : أي ترك ما كان يتضرع إليه من قبل وهو الله سبحانه وتعالى.
(وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) : أي شركاء.
(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) : أي ليضل نفسه وغيره عن الإسلام.
(قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) : أي قل يا نبيّنا لهذا الكافر الضال المضل تهديدا تمتع بكفرك بقية أجلك.
(إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) : أي أهلها المتأهلين لها بخبث نفوسهم وظلمة أرواحهم.
(قانِتٌ آناءَ) (١) (اللَّيْلِ) : أي مطيع لله آناء الليل أي ساعات الليل ساجدا وقائما في الصلاة.
(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) : أي يتعظ بما يسمع من الآيات أصحاب العقول النيّرة.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تقرير التوحيد وإبطال التنديد ، فقال تعالى مخبرا عن حال المشرك بربه المتخذ له أندادا يعبدها معه (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ (٢) ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) أي سأل ربّه راجعا إليه رافعا إليه يديه يا رباه يا رباه سائلا تفريج ما به وكشف ما نزل به (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ (٣) نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) حتى إذا فرّج الله كربه ونجاه ، ترك دعاء الله ، وأقبل على عبادة غير الله ، (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) أي شركاء (لِيُضِلَ) (٤) نفسه وغيره. وهنا أمر تعالى رسوله أن يقول له نيابة عن الله تعالى قل يا رسولنا لهذا المشرك الكافر تمتع بكفرك قليلا أي مدة بقية عمرك إنك من أصحاب النار ، هكذا هدده ربّه وخوفه بعاقبة أمر الشرك والتنديد لعله ينتهي فيتوب توبة صادقة ويرجع إلى الله رجوعا حسنا
__________________
(١) الآناء جمع أنى مثل أمعاء ومعى وأقفاء وقفى والأنى الساعة.
(٢) (الْإِنْسانَ) هنا اسم جنس دال على غير معين بل هو عام في كل مشرك بالله تعالى كافر به.
(٣) قوله اعطاه إذ التخويل الإعطاء والتمليك دون قصد عوض مأخوذ من الخول وهو اسم للعبد والخدم وفي الحديث إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم «الحديث».
(٤) اللام لام العاقبة ، أي هو لم يقصد إضلال نفسه.