(فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) : ويل كلمة عذاب للقاسية قلوبهم عن قبول القرآن فلم تؤمن به ولم تعمل بما فيه.
(أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً) : هو القرآن الكريم.
(مُتَشابِهاً) : أي يشبه بعضه بعضا في النظم والحسن وصحة المعاني.
(مَثانِيَ) : أي ثنّى فيه الوعد والوعيد كالقصص والأحكام.
(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) : أي ترتعد منه جلود الذين يخشون ربهم وذلك عند ذكر وعيده.
(ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ) : أي تطمئن وتلين.
(إِلى ذِكْرِ اللهِ) : أي عند ذكر وعده لأهل الإيمان والتقوى بالجنة وما فيها من نعيم مقيم.
معنى الآيات :
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ) هذه الآية الكريمة تقرر التوحيد والبعث والجزاء بذكر مظاهر القدرة والعلم الإلهيين ، وهما مقتضيان لوجود الله أولا ثم وجوب الإيمان به وبلقائه فقال تعالى مخاطبا رسوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) (١) وهو المطر (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ) أي أدخله فيها وأخرجه منها ينابيع بواسطة حفر وبدونه ، ثم يخرج به زرعا من قمح وشعير وذرة وغيرها مختلفا ألوانه من أحمر وأبيض وأصفر (ثُمَّ يَهِيجُ) حسب سنة الله تعالى في ذلك فيجف (فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) أي فتاتا متكسرا كالتبن كل هذا يتم بقدرة الله وعلمه وتدبيره ففيه موعظة وذكرى لأولى القلوب الحيّة تهديهم إلى الإيمان بالله وبآياته ولقائه ، وما يستتبع ذلك من الطاعة والتوحيد وقوله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (٢) أي وسع صدره وفسحه فقبل الإسلام دينا فاعتقد عقائده وعمل بشرائعه فامتثل أوامره واجتنب نواهيه فهو يعيش على نور من ربه ومقابل هذا محذوف اكتفى بالأول عنه وتقديره كمن طبع الله على قلبه وجعل صدره حرجا ضيقا فلم يقبل الإسلام ولم يدخل فيه ، وعاش على الكفر والشرك والمعاصي فهو يعيش على ظلمة الكفر ودخن الذنوب
__________________
(١) تضمنت هذه الآية الكريمة مثالين زيادة على ما دلت عليه بظاهر كلماتها المثال الأول هو أن القرآن الكريم ينزل من عند الله فيحيى الله تعالى به القلوب الميتة فتحيى وتشرق وتبلغ الكمال في الطهر والإشراق. والثاني هو أن حياة الإنسان تبتدىء بنطفة المني فتستقر في الرحم ثم تخرج طفلا ثم يكبر فيصبح شابا فكهلا ثم يهرم ويهلك. والخطاب صالح لكل من له أهلية النظر.
(٢) شرح الصدر عبارة عن قبول الهدى والاستنارة به ، والاستفهام إنكاري ومن مبتدأ والخبر محذوف تقديره كمن ضاق صدره بالكفر وغشيته ظلمته فهو لا يعي ولا يفهم ما يقال له وما يدعى إليه من الهدي والخير أي هل حالهما واحدة والجواب لا.