(هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) : والجواب لا لا إذا فقل حسبي الله ، ولا حاجة لي بغيره.
(اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) : أي على حالتكم التي أنتم من الكفر والعناد.
(إِنِّي عامِلٌ) : أي على حالتي التي أنا عليها من الإيمان والانقياد.
(مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) : أي في الدنيا بالقتل والأسر والجوع والقحط.
(وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) : أي وينزل عليه عذاب مقيم لا يبرح وهو عذاب النار بعد الموت.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الدفاع عن الرسول والرد على مناوئيه وخصومه الذين استبطأوا موته فرد الله تعالى عليهم بقوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) فلا شماتة إذا في الموت وقوله : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ (١) عَبْدَهُ) دال على أن القوم حاولوا قتله صلىاللهعليهوسلم لما لم يمت بأجله وفعلا قد قرروا قتله وأعطوا الجوائز لمن يقتله ، ففي هذه الآية طمأن الله رسوله على أنهم لا يصلون إليه وأنه كافيه مؤامراتهم وتهديداتهم فقال عزوجل أليس الله بكاف عبده؟ والجواب بلى إذ الاستفهام تقريري كافيه كلّ ما يهمه ويسوءه وقوله : (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) أي ويخوفك يا رسولنا المشركون بما يعبدون من دوننا من اصنام وأوثان بأن تصيبك (٢) بقتل أو خبل فلا يهمك ذلك فإن أوثانهم لا تضر ولا تنفع ولا تجلب ولا تدفع ، وقوله : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ) ، وقد هداك ربك فليس لك من يضلك أبدا ، كما أن من أضله الله كقومك فليس له من هاد يهديه أبدا. وقوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) (٣) بلى فهو إذا سينتقم من أعدائه لأوليائه ان استمروا في أذاهم وكفرهم وعنادهم ، وقد فعل سبحانه وتعالى.
وقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي أوجدهما من غير مثال سابق (لَيَقُولُنَّ اللهُ) فما دام اعترافهم لازما بأن الله تعالى هو الخالق فلم عبادة غيره والإصرار عليها مما أفضى بهم إلى أذية المؤمنين وشن الحرب عليهم وقوله : (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي من الأصنام والأوثان أخبروني (إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ) ما (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ) صحة وعافية وغنى ونصر (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) (٤) والجواب لا فإنها جماد لا تقدر
__________________
(١) الاستفهام للتقرير ، وحذفت ياء كاف لأنه اسم منقوص وترد في الوقف جوازا وقرأ الجمهور عبده وقرأ غيرهم عباده ليدخل المؤمنون معه صلىاللهعليهوسلم.
(٢) هذا شاهده قوله تعالى على لسان ابراهيم عليهالسلام وكيف أخاف ما أشركتم فإنهم خوفوه بآلهتهم فأنكر عليهم ذلك وعابهم بعدم الخوف من الله تعالى.
(٣) الاستفهام تقريري والجملة تحمل الوعيد الشديد للمشركين الكائدين الماكرين بالرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين والانتقام المكافأة بالشر على الشر وهو مشتق من النقم الذي هو الغضب.
(٤) قال مقاتل فسألهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسكتوا وقال بعضهم لا تدفع شيئا ولكنها تشفع!!