شرح الكلمات :
(قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : قل يا نبينا : يا الله يا خالق السماوات والأرض.
(عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : أي يا عالم الغيب وهو كل ما غاب عن الأبصار والحواس والشهادة خلاف الغيب.
(فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : أي من أمور الدين عقائد وعبادات.
(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : أي ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي.
وبدا لهم ما لم يكونوا يحتسبون : أي وظهر لهم من عذاب الله ما لم يكونوا يظنونه.
(وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : وأحاط بهم العذاب الذي كانوا في الدنيا يستهزئون به.
معنى الآيات :
قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَ) (١) هذا إرشاد من الله تعالى لرسوله أن يفزع إليه بالدعاء والضراعة إذ استحكم الخلاف بينه وبين خصومه وضاق الصدر أي قل يا رسولنا يا الله (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خالقها ، (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي ما غاب عن الأبصار والحواس فلم يدرك ، والشهادة وهو ما رؤي بالأبصار وأدرك بالحواس (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ) مؤمنهم وكافرهم (فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من الإيمان بك وبلقائك وصفاتك وعبادتك ووعدك ووعيدك اهدني لما اختلفوا فيه من الحق باذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) أي أنفسهم بالشرك وهو الظلم العظيم وبغشيان المعاصي والذنوب لو أن لهم عند معاينة العذاب يوم القيامة (ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) من أموال ونفائسها ومثله معه وقبل منهم الفداء (لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ) ولما تردّدوا أبدا وهذا دالّ على شدّة العذاب وأنه لا يطاق ولا يحتمل مع حرمانهم من الجنة ونعيمها.
وقوله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (٢) أي وظهر لهم أي لأولئك الذين إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم وإذا ذكرت الأصنام فرحوا بذلك واستبشروا وبدا لهم من ألوان العذاب ما لم يكونوا يظنون ولا يحتسبون. وقوله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ (٣) ما كَسَبُوا) أي من
__________________
(١) رواه مسلم عن عائشة أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يستفتح به صلاته من الليل وروي عن سعيد بن جبير أنه قال إني لأعرف آية ما قرأها أحد قط فسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه قوله (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ) ... الخ».
(٢) روي أن محمد ابن المنذر جزع عند موته جزعا شديدا وقيل له ما هذا الجزع؟ قال : أخاف آية من كتاب الله (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ).
(٣) السيئات جمع سيئة وهو وصف أضيف إلى موصوفه وهو الموصول (ما كَسَبُوا) أي مكسوباتهم السيئات وتأنيثها باعتبار شهرة إطلاق السيئة على الفعلة القبيحة.