(بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) : أي بالمعجزات الظاهرات.
(فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) : أي ضرر كذبه عليه لا عليكم.
(يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) : أي بعض العذاب الذي يعدكم به في الدنيا عاجلا غير آجل.
(مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) : أي مسرف في الكفر والظلم كذاب لا يقول الصدق ولا يفوه به.
(ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ) : أي غالبين في بلاد مصر وأراضيها.
(فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) : أي من عذاب الله إن جاءنا وقد قتلنا أولياءه.
(ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى) : أي ما أشير به عليكم إلا ما أشير به على نفسي وهو قتل موسى
(وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) : أي إلا طريق الرشد والصواب.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الحديث عما دار في قصر فرعون فقد أبدى فرعون رغبته في إعدام موسى معللا ذلك بأمرين أن يبدل دين الدولة والشعب ، والثاني أن يظهر الشغب في البلاد والتعب للدولة والمواطنين معا. وها هو ذا رجل مؤمن من رجالات القصر يكتم إيمانه بموسى وبما جاء به من التوحيد خوفا من فرعون وملئه. ولنستمع إلى ما أخبر تعالى به عنه : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ) (١) أي بموسى (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) إذ هو ابن عم فرعون واسمه شمعان كسلمان قال : (أَتَقْتُلُونَ) (٢) ينكر عليهم قرار القتل (رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) أي لأن قال ربي الله (وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ) وهي الحجج والبراهين كالعصا واليد (مِنْ رَبِّكُمْ) الحق الذي لا رب لكم سواه. (وَإِنْ يَكُ (٣) كاذِباً) أي وإن فرضنا أنه كاذب فإن ضرر كذبه عائد عليه لا عليكم (وَإِنْ يَكُ صادِقاً) وهو صادق (يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي (٤) يَعِدُكُمْ) من العذاب العاجل. إن الله تعالى لا يهدي أي لا يوفق إلى النصر والفوز في أموره (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) (٥) متجاوز الحد في الاعتداء والظلم (كَذَّابٌ) مفتر يعيش على الكذب فلا يعرف الصدق. وبعد أن بين لهم هذه الحقيقة العلمية
__________________
(١) في نص هذا الخبر تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم.
(٢) الاستفهام للإنكار ينكر على فرعون وملئه عزمهم على قتل موسى عليهالسلام.
(٣) لم يكن قوله وإن يك كاذبا شكا في صدق موسى وإنما هو من باب التلطف والتنزل مع الخصم حتى لا يلج في الجدال والخصومة وحذفت النون من وإن يك لكثرة الاستعمال.
(٤) أي إن لم يصبكم إلا بعض الذي يعدكم به هلكتم ، وجائز ان يطلق البعض وهو يريد الكل وهو سائغ وشائع قال الشاعر :
قد يدرك المتأني بعض حاجته |
|
وقد يكون مع المستعجل الزلل |
(٥) إن كان هذا الموصوف الرجل المؤمن فهو إشارة إلى موسى وإن كان من قول الله تعالى فهو إشارة إلى فرعون.