(يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) : أي قدر يوم من أيام الدنيا إذ الآخرة يوم واحد لا ليل له.
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) : أي بأن نظهر دينهم ، أو نهلك قومهم وننجيهم من الهلاك.
(فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) : أي وتنصرهم يوم يقوم الأشهاد وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ.
(وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) : أي ولهم اللعنة أي البعد من الرحمة ولهم سوء الدار أي الآخرة أي شدة عذابها.
معنى الآيات :
هذا عرض آخر للنار وما يجرى فيها بعد العرض الذي كان لآل فرعون في النار يعرض على كفار قريش ليشاهدوا مصيرهم من خلاله إذا لم يتوبوا إلى الله من الكفر والتكذيب والشرك تضمّنته ست آيات قال تعالى : (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ (١) فِي النَّارِ) أي وأنذرهم واذكر لهم إذ يتحاجون في النار أي يتخاصمون فيها فيقول الضعفاء الأتباع الذين كانوا يتبعون أغنياء وأقوياء البلاد طمعا فيهم وخوفا منهم. قالوا للذين استكبروا بقوتهم عن الإيمان ومتابعة الرسل ، إنا كنا لكم تبعا (٢) أي تابعين ، (فَهَلْ أَنْتُمْ (٣) مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ؟) أي فهل في إمكانكم أن تخففوا عنا حظا من عذاب النار؟ فأجابوهم قائلين بما أخبر تعالى به عنهم في قوله : (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها) أي نحن وأنتم إن الله قد حكم بين العباد فقضى بالجنة لأهل الإيمان والتقوى ، وبالنار لأهل الشرك والمعاصي هذه كانت خصومة الأتباع مع المتبوعين ولم تنته إلى طائل إلا زيادة الحسرة والغم والهم. وقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ فِي (٤) النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ) وهم الملائكة المكلفون بالنار وعذابها قالوا لهم (ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) أي مقدار يوم من أيام الدنيا إذ الآخرة لا ليل فيها وإنما هي يوم واحد. فردت عليهم الملائكة قائلة بما أخبر تعالى به عنهم في قوله : (قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي أتقولون ادعوا لنا ربكم ليخفف عنكم العذاب أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات أي بالحجج الظاهرة الدالة على وجوب الإيمان والتقوى بترك الشرك والمعاصي. (قالُوا بَلى) أي اعترفوا فقالت لهم الملائكة إذا
__________________
(١) التحاج : الاحتجاج من جانبين فأكثر أي إقامة كل فريق حجته للفريق المضاد المخاصم.
(٢) تبعا : اسم لمن يتبع غيره يستوي فيه الواحد وأكثر نحو خدم وحشم.
(٣) (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ) الاستفهام هنا معناه الحث على طلب خلاصهم من النار واللوم على تركهم وعدم الاهتمام بما هم فيه من العذاب.
(٤) (الَّذِينَ فِي النَّارِ) هذا شامل للضعفاء والمستكبرين والخزنة جمع خازن وهم الملائكة الموكلون بالنار وعذاب أهلها.