وطاعته أنهم مهتدون أى انهم على الحق والصواب وذلك بتزيين القرين لهم.
(بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) : أي كما بين المشرق والمغرب من البعد قال هذا تبرؤا منه.
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ) : أي ولن ينفعكم اليوم أيها العاشون إذ ظلمتم أنفسكم بالشرك والمعاصى.
(أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) : اشتراككم فى العذاب غير نافع لكم.
(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) : أي إنك يا رسولنا لا تسمع الصم ، ولا تهدى العمى والقوم قد أصمهم الله وأعمى أبصارهم لأنهم عشوا عن ذكره.
(وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : أي كما انك لا تقدر على هداية من كان فى ضلال مبين عن الحق والهدى.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فى عرض الهداية على الضاليّن بالكشف عن أحوالهم واضاءة الطريق لهم قال تعالى : (وَمَنْ يَعْشُ (١) عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ) أي يعرض متعاميا متغافلا عن ذكر الرحمن الذى هو القرآن وعبادة الرحمن متجاهلا ذلك نقيض (٢) له شيطانا أى نسبب له نتيجة إعراضه شيطانا ونجعله له قرينا لا يفارقه فى الدنيا ولا فى الآخرة. فهو له قرين دائما. وقوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) أي وان القرناء الذين جعلهم تعالى حسب سنته فى الأسباب والمسببات للعاشين عن ذكره يصدونهم بالتزيين والتحسين لكل المعاصى حتى انغمسوا فى كل إثم وولغوا فى كل باطل وشر ، وضلوا عن سبيل الهدى والرشد ومع هذا يحسبون أنهم مهتدون وغيرهم هم الظالمون.
وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَنا) (٣) أي يوم القيامة قال العاشى عن ذكر الرحمن يا ليت متمنيا بينى وبينك بعد المشرقين أي يتمنى لو أن بينه وبين قرينه من الشياطين من البعد كما بين المشرق والمغرب. قال تعالى لأولئك العاشين (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ) أنفسكم بالشرك والمعاصى فى الدنيا أنكم فى العذاب مشتركون أي إن اشتراككم فى العذاب غير نافع لكم ولا مجد ابدا. وقوله تعالى لرسوله : (أَفَأَنْتَ (٤) تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ
__________________
(١) هذا مضارع عشا يعشوا عشوا كغزا (يغزوا) غزوا إذا نظر إلى الشيء نظرا غير ثابت يشبه نظر الأعشى والعشا بفتح العين والشين اسم ضعف العين عن رؤية الأشياء. وعشى كرضى إذا كان في بصره آفة العشا.
(٢) قيض يقيض تقييضا فالتقييض : الإتاحة وتهيئة شيء لملازمة شيء لعمل حتى يتمه وهو مشتق من اسم جامد وهو قيض البيضة أي القشر المحيط بالمح ، وهو لا يفارقه حتى يخرج منها الفرخ فيتم ما اتيح له القيض.
(٣) قرأ نافع جاءانا أي من يعش عن ذكر الرحمن والشيطان المقيض له وقرأ حفص بالإفراد (جاءَنا) أي العاشي عن ذكر الرحمن.
(٤) الاستفهام إنكاري وفي الآية تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وتسجيل أن الكافر أصم أعمى ومقابله المؤمن يسمع ويبصر.