شرح الكلمات :
(وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) : أي نادى فيهم افتخارا وتبجحا بما عنده.
(وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) : أي من النيل تجرى من تحت قصورى.
(أَفَلا تُبْصِرُونَ) : أي عظمتى وما أنا عليه من الجلال والكمال.
(أَمْ أَنَا خَيْرٌ) : أي من موسى الذى هو مهين ولا يكاد يبين أي يفصح للثّغة التى في لسانه.
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) : أي هلّا ألقي عليه أسورة من ذهب من قبل الذى أرسله.
(أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) : أي أو جاءت الملائكة يتبع بعضها بعضا تشهد له بالرسالة.
فاستخف فرعون قومه : أي استفز فرعون قومه أى قال لهم ما حركهم به فخفوا لطاعته.
(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) : أي أطاعوه لكونهم قوما فاسقين ففسقهم هو علة طاعتهم.
(فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) : أي فلما أغضبونا انتقمنا منهم.
(فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) : أي فرعون وقومه سلفا أي سابقين ليكونوا عبرة لمن بعدهم.
(وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) : أي يتمثلون بحالهم فلا يقدمون على مثل فعلهم.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فى قصة موسى مع فرعون قال تعالى : (وَنادى فِرْعَوْنُ (١) فِي قَوْمِهِ) لأجل الافتخار والتطاول إرهابا للناس قال يا قوم أليس لى ملك مصر ، وهذه الأنهار أى أنهار النيل (٢) تجرى من تحتى (٣) أى من تحت قصوره ، (أَفَلا تُبْصِرُونَ) فإذا ابصرتم فقولوا (أَنَا خَيْرٌ (٤) مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) أى حقير يتولى الخدمة بنفسه ، (وَلا يَكادُ يُبِينُ) أى يفصح بلسانه لعلة به وهى اللثغة أو هو؟. (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ (٥) مِنْ ذَهَبٍ) أى هلّا ألقى عليه من أرسله أساورة من ذهب أو بعث معه الملائكة مقترنين يشهدون له بالرسالة. قال تعالى : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) أى استفزهم بقوله هذا وحركهم (فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) ، والفاسق جبان خواف يستجيب بسرعة للباطل ان كان ممن يخاف عادة كالحاكم الظالم.
__________________
(١) قيل لما كشف الله عنهم العذاب بدعوة موسى أضمر فرعون وملؤه نكث العهد الذي أعطاه لموسى وهو أنهم يهتدون فخاف فرعون أن يتبع قومه موسى فقام بهذه المناورة الرخيصة فنادى في قومه فجمعهم وقال فيهم ما ذكر تعالى.
(٢) (هذِهِ الْأَنْهارُ) هي فروع النيل وهي أربعة هي نهر الملك ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنّيس.
(٣) جائز أن تكون الأنهار له تسلط على مصابها فلذا هدد قومه بذلك.
(٤) (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) (أم) المنقطعة بمعنى بل للإضراب الانتقالي والتقدير بل انا خير والاستفهام تقريري أراد تفضيل نفسه على موسى عليهالسلام والمهين : الذليل الذي لم يكن من بيوت الشرف والجاه.
(٥) قرأ نافع والجمهور أساورة جمع أسوار لغة في سوار ، وقرأ حفص (أَسْوِرَةٌ) جمع سوار والمراد من قوله ألقى عليه أساوره يريد إن كان ملكا أو رسولا كما يزعم لم لا يلقى إليه من السماء أساورة كالتي يلبسها ملوك فارس ومصر ، أو تأتي معه الملائكة يشهدون له بالرسالة بما يدعى وكل هذا من باب دفع معرة الهزيمة التي لحقته.