(ونقول) في اعترافه بأن اليهود عبدت العجل وانبياؤها إحياء ، اعتراف بوقوع نظير ذلك في هذه الأمة ـ المعصومة عنده ـ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لتتبعن سنن من قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخل أحدهم جحر ضب لدخلتموه. ثم انظر وتأمل في قوله أنبياء اليهود كانوا يلومون الله ويغاضبونه إذا بدا لهم من الله تقصير في أمر اليهود هل يليق أن يقال مثل هذا الكلام في حق الله تعالى وأنبيائه. الله تعالى يقصر في حق اليهود والأنبياء إذا بدا لهم هذا التقصير يلومون الله تعالى ويغاضبونه على تقصيره كما يلوم الرجل ولده أو خادمه أو نظيره ويغاضبه عند تقصيره وأي جاهل ينسب إلى الأنبياء أنهم يظنون أو يعتقدون حصول التقصير من الله تعالى في حق اليهود فيلومونه ويغاضبونه لأجل ذلك والتقصير إذا نسب إلى عبد من عباد الله يكون ذما له فكيف بالله جل جلاله وهل يكون اللوم إلا على فعل غير لائق والمغاضبة إلا على فعل قبيح. ولكن هذا الرجل لا يدري ما يقول أو لا يبالي ما يقول وإذا كان هذا قوله في حق الله تعالى وأنبيائه فلا عجب مما صدر منه في حق الباقر والصادق في مقام آخر. ولا شيء أعجب من نسبة أكبر كبيرة إلى يونس (ع) وهي الحسد وأن الله تعالى عفا عنه ذلك لأنه تمنى بحسده امتياز اليهود بفضل الله وهدايته. فهذا الحسد الذي زعمه إن لم يكن معصية لم يجز نعته بأنه أكبر كبيرة ولم يحتج إلى العفو وإن كان معصية لم يجز صدوره من الأنبياء المعصومين من الذنوب سواء أتمنى به امتياز اليهود أم لا. والحاصل ان الأنبياء بعصمتهم الثابتة بالعقل والنقل منزهون عن أن يسندوا إلى الله فعلا قبيحا غير لائق فيلومونه عليه أو يغاضبونه لأجله ومنزهون عن كل ما ينافي العصمة ويوجب نسبة الذنب ، وإذا ورد في ظاهر النقل ما يوهم ذلك وجب تأويله لأن الحكم المستفاد من العقل قطعي وهو موجب للقطع بعدم إرادة ظاهر اللفظ المخالف له فلا لوم من موسى بن عمران عليهالسلام لربه وان زعم ذلك موسى تركستان لا بليغ ولا غير بليغ وإنما صدر منه التأسف على ما أصاب قومه والعذر الذي اعتذره موسى عن موسى عليهالسلام اقبح من الذنب الذي نسبه إليه فإن الشفقة للسبعين وحبه أمته واحترامه لليهود لا يسوغ له نسبة القبيح إليه تعالى وهو نبي من أولي العزم. وأما يونس عليهالسلام فلما تأخر نزول العذاب على قومه حسبما كان أخبرهم تألم لذلك وتركهم شبه المغاضب الظان عدم القدرة عليه فالكلام مجاز نظير زيد أسد