ولكننا نود أن يرشدنا الى الدليل الذي سبب هذا الحجر على العقول والألسنة والأقلام. ونرى الصحابة انفسها لم تعرض عن الخوض فيما جرى بينها وهم قدوة بأيهم اقتدينا اهتدينا. وهو نفسه لم يعرض عن القول فيما جرى بين الصحابة زمن الخلافة الرادة فلام عليا والمهاجرين والأنصار في مقتل عثمان ولام أبا ذر في سلوكه مع عثمان كما مر ويأتي.
الشورى
قال صفحة (ا س) عثمان اوّل خليفة انتخب بعد مشاورة تامة واستقصاء آراء من حضر بالمدينة. وقد كان العباس قال لعلي لا تدخل في الشورى ان اعتزلت قدموك وان ساويتهم تقدموك ولم يقبله وان كان العباس انفذ نظرا واقوى حدسا يرى الامور من وراء الستور. وكان علي يعلم انه لا يستحق الامر بالارث فدخل لعله يناله بالانتخاب وكاد ينتخب لو انه قبل الشرط الذي عرضه له ابن عوف والشرط كان معقولا به يندفع خوف قريش من البيت الهاشمي على العرب والا فلم يكن احد ينكر فضل علي وكفاءته لكل امر عظيم.
(ونقول) (أوّلا) المشاورة لم تكن الا بين هؤلاء الستة وسائر من بالمدينة لم تؤخذ آراؤهم انما حضر مع الستة بعضهم وليس له رأي ، نعم يقال ان عبد الرحمن شاور اهل المدينة ولكن من الذي يضمن لنا انه اخذ بما اشاروا به او ان آراءهم لم تكن متناقضة.
(ثانيا) المتأمل في امر الشورى اذا جرد نفسه من التقليد يعلم انه لم يكن المقصود من الشورى الشورى بل تثبيت خلافة عثمان بطريق قانوني محكم. فالشورى جعلت بين ستة علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف. وقال الخليفة ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات وهو عنهم راض ثم ذكر لكل واحد منهم عيبا فقال لعلي ما معناه انه ان وليهم ليحملنهم على الطريق الواضح والمحجة البيضاء الا ان فيه دعابة ، وقال لعثمان ان وليهم ليحملن آل ابي معيط على رقاب الناس. وجعل العبرة باكثرية الاصوات فان تساوت رجح الفريق الذي فيه عبد الرحمن بن عوف فان اتفق الاكثر او من فيهم عبد الرحمن على واحد وخالف الباقون قتل المخالف وان مضت ثلاثة ايام ولم يتفقوا على واحد قتل الستة وترك المسلمون