يختارون لانفسهم ولسنا بصدد نقد الشورى من جميع نواحيها بل بصدد بيان ان المقصود منها تثبيت خلافة عثمان بوجه قانوني فانه كان من المعلوم ان عليا لا تكون معه الاكثرية بل اما ان يكون معه صوتان فقط او نصف الاصوات لان المتقين ان من يكون معه هو الزبير وحده او شخص آخر فقط ومعلوم ان عبد الرحمن هواه مع عثمان فلا يمكن ان يختار عليا عند تساوي الاصوات ورجوع الامر إليه ثم لما رجع الامر إليه اراد عليا ان يبايعه على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين فلم يقبل علي الا على كتاب الله وسنة رسوله وقبل عثمان فهل كان ابن عوف يرتاب في أن عليا لا يقبل إلا بالكتاب والسنة فقط وهل كان يشك في ان عثمان لا يمتنع من قبول سيرة الشيخين هذه هي الشورى.
(ثالثا) كون العباس انفذ نظرا واقوى حدسا من علي ليس بصواب. ان نسب الى علي انه قال عنه انه يرى الأمور من وراء الستور ، وقوله وان اعتزلت قدموك يصعب التصديق بانه رأي مصيب فكيف يقدمونه مع الاعتزال ولا يقدمونه مع الدخول بل الحق انه مع الاعتزال مقطوع بعدم تقديمه اما مع الدخول فمحتمل.
(رابعا) لم يقل احد ولم يتوهم احد ان عليا كان يستحق الامر بالارث وقد كرره في كلامه في عدة مواضع وهو من لغو الكلام وانما كان يعلم انه يستحقه بالنص عليه وانما دخل لان للمرء ان يتوصل الى حقه بكل وسيلة.
(خامسا) عقل علي بن ابي طالب كان اكبر من عقله وكان يعلم ان هذا الشرط غير معقول ولا يمكنه الاخذ به لأن سيرة الشيخين ان وافقت الكتاب والسنة اغنيا عنها وان خالفتهما قدما عليها وان كانت فيما لم يرد فيه شيء في الكتاب والسنة كان باب مدينة العلم اعرف بوجوه استنباط حكمه منهما ولذلك اضاف إليهما ـ كما في بعض الروايات ـ واجتهاد رأيي.
(سادسا) ان قريشا لم تكن تخاف من البيت الهاشمي على العرب ولا على العجم وانما كانت تحسد البيت الهاشمي وتعاديه وهذا الذي دعاها الى صرف الامر عنه مع كونها تعرف فضل علي وكفاءته لكل امر عظيم وكيف تخاف قريش ممن