تجعل الامة الاسلامية هائجة ثائرة. ولو كان كذلك لنصرته هذه الأمة ـ المعصومة عند التركستاني ـ وقد بقي محصورا مدة طويلة لم ينصره فيها إلا من طولب بدمه وان الذي هيج جماعة من الأمة وأثارها على علي بعد مقتل عثمان هو جلوس علي عرش الخلافة حسدا له وحبا بالأمارة وحطام الدنيا لا شهادة الخليفة فقالت من لها المكانة في الإسلام لما بلغها قتله ايها ذا الأصبع تعني ابن عمها طلحة تتمنى له الخلافة فلما بلغها ان عليا بويع بالخلافة قالت وددت ان هذه انطبقت على هذه ـ السماء على الأرض ـ ولم يكن هذا الأمر راجع الطبري وابن الأثير. وخرج اصحاب الجمل الى البصرة ليهيجوا الناس ويثيروهم على علي بحجة الطلب بدم الخليفة وهيج صاحب الشام اهلها وآثارهم على علي بحجة الطلب بدمه وكلهم يعلمون انه بريء من دمه وانهم هم الذين خذلوه والبوا الناس عليه وان الخلافة لم يبق لها روعة وجلال قبل شهادته وعادت الى روعتها وجلالها بعد بيعة علي الذي رد على الناس ما كان من القطائع ونشر العدل والمساواة بينهم. واذا اردت ان تعرف ذلك فانظر الى صفة دخول علي البصرة في مروج الذهب وان اقواله كانت مطاعة واصحابه اطوع له من يده واتبع له من ظله وبما ذا قاد الجيوش الجرارة لحرب الجمل وصفين أبالطاعة أم بالمعصية؟ وكان في عسكره اعلام الصحابة وجل المهاجرين والانصار ووجوههم واستوسقت له الامور واستقامت وصفت لو لا الناكثون والقاسطون والمارقون. نقول هذا لا بطال ما يريد ان يرتبه على كلامه من ان اضطراب امره لأن الله صرف الأمر عن اهل البيت.
(ثالثا) استشهاده بكلام المرأة العبسية التي يظهر انها من الخوارج ـ ان صح ذلك ـ لا شاهد فيه وهو من السخافة بمكان وان دل على شيء فإنما يدل على حلمه لا سيما عن النساء وكذلك سكوت اصحابه كان ترفعا وتأدبا. وقوله ثم يفحم الامام ويسكت مما يضحك الثكلى فالإفحام الإتيان بما يعجز المخاطب عن جوابه كقول تلك المرأة للخليفة حين اعلن عن رد الزيادة في المهر الى بيت المال فردت عليه بآية وان آتيتم احداهن قنطارا فقال كل الناس افقه منك حتى المخدرات اما هذه فجوابها واضح لكل احد. وقوله بدوية تصغيرا لامرها مع ان المرأة العربية سواء أكانت بدوية أم حضرية تجترىء وتبين عن مرادها ببلاغة وفصاحة. وقوله تجترىء