هذا والملك في غربي إيران إلى جانب الروم بأيدي أخلاف الملك كيقباد السلجوقي : قليج ارسلان السلجوقي ثمّ أبناؤه الثمانية! وفي الشامات الكبرى سورية وفلسطين والأردن ولبنان ومصر ، بأيدي أخلاف الفاطميين الاسماعيليين : أبناء صلاح الدين الأيوبي الثلاثة ، وأبناء أخيه أبي بكر الخمسة! والشيطان يوقع بينهم العداوة والبغضاء بخمر الدنيا وميسرها ، فالفتنة قائمة على قدم وساق ، وبشقّ الأنفس.
فأدّى اختلاف الكلمة بين ملوك المغرب الإسلامي إلى تجرّء متفيّئي ظلال الصليب عليهم ، فأجلبوا عليهم بخيلهم ورجلهم ، فاستولوا على كثير من مدن آسيا الصغرى وحكموها وأكثروا القتل والفساد فيها.
وفي أوائل المحرّم سنة ٦٥٥ ه ١٢٥٧ م حاصر هولاكو بغداد ، وقد استصحب الخواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢) وقرّر هولاكو إرسال المحقّق الطوسي سفيرا إلى الخليفة العباسي المستعصم للتفاوض معه (١) ، وحاول الطوسي أن يقنع الخليفة بالتنازل للأمر الواقع لتهدئة الأوضاع والحدّ من إراقة الدماء ، إلّا أنّ الخليفة أصرّ على رفض كلّ الحلول المطروحة ، فرجع الطوسي صفر اليدين ، وبدأ هولاكو بتضييق الحصار على بغداد.
وحيث تصدّى وزير الخليفة مؤيّد الدين العلقمي القمي لزوال آل العباس ، آملا في أن يليها أحد السادة العلويين ، فقد كاتب التتار وراسلهم خفية ، وأطمعهم في الاستيلاء على بغداد بغير قتال وجلاد ، وفرّق جيش المستعصم ، وأبلغه أنّ هولاكو يريد أن يزوّج ابنته ابنك أبا بكر ، ثمّ يكون لك كما كان لك السلاجقة وتبقى أنت الخليفة ، فإن رأيت أن تخرج إليهم وتصالحهم وتصاهرهم ، فلا تراق
__________________
(١) يادبود خواجه طوسى : ١٥ ، (فارسي).