وفتحه لمكّة وغير ذلك من المتواترات ، وأيضا فلأنّ كثيرا من أصحاب الحديث لم ينقلوا هذا الحديث كالبخاري ومسلم والواقدي وغيرهم ، وأيضا فلا تزعمون أنّه صلىاللهعليهوآله إنّما قال هذا الكلام بغدير خمّ بعد رجوعه عن الحجّ ، ولم يكن علي عليهالسلام مع النبي صلّى الله عليه [وآله] في ذلك الوقت لأنّه كان باليمن.
وأمّا دعواكم تواتر هذا الخبر فنقول : مخالفوكم أيضا يدعون تواتر الأخبار الدالّة على فضائل الشيخين ، فإن قبلتموها تركتم مذهبكم ، وإن لم تقبلوها لاحتمال أن يكون ذلك التواتر لا على سبيل الرواية بل على سبيل مذاكرة الخبر ببعضهم مع بعض ، واحتمال إنهاء ذلك إلى جمع قليل (١) في أوّل الأمر ، فكذلك ما ذكرتموه.
وأيضا فتعويلكم على رواية الشيعة إمّا أن يكون لأجل كثرتهم ، أو لما تقولونه من أن إجماعهم حجّة ، والأوّل باطل لأنّ سلفهم بلغوا حدّ التواتر ، ولأنّ مخالفيهم يروون فضائل الشيخين مع أنّهم أكثر ومع ذلك فالشيعة يقدحون في تلك الأحاديث ، وإن كان لما يقولون من أنّ إجماعهم حجّة فذلك باطل عندنا ، ولأنّ ذلك فرع من مسألة الإمامة فتصحيحها بها دور.
وأمّا الوجه الأوّل ممّا استدلّوا به فنقول : الامّة أجمعت على جعله من أخبار الآحاد أو من أخبار التواتر ، والأوّل مسلّم والثاني ممنوع ، فلم قلتم : أنّ ذلك يدلّ على القطع بصحّته.
بيانه : أنّ أكثر الامّة يجعلونه خبرا واحدا ، بمعنى أنّهم يعتقدون أنّ صحّته مظنونة لا معلومة ، وإنّ كلّ ما يكون صحّته غير يقينية عند الامّة فإنّهم لا يقبلونه ، بل أكثر الأخبار التي قبلوها وعملوا بها واجتهدوا في معرفة معانيها
__________________
(١) في نسخة «عا» : قبلتين ، وفي «ضا» : فنلبن ، وأثبتنا الراجح الصحيح.