ولكن (١) مؤخرة الحديث وهي قوله صلّى الله عليه [وآله] : «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله» تقتضي أن يكون المراد من المولى الناصر ؛ وذلك أنّ لفظة المولى لمّا كانت محتملة لذلك المعنى ولغيره ، ثم ذكر عقيبها لفظا صريحا في ذلك المعنى وهي الموالاة التي هي ضدّ العداوة ، يبادر إلى الذهن أنّه إنّما أراد بالمولى الناصر.
قوله في الوجه الثاني : أنّ المولى له معان كثيرة لكن لا يمكن حمله هاهنا إلّا على الأولى.
قلنا : لا نسلّم ، ولم لا يجوز حمله على ولاية الدين والنصرة؟
قوله : كون المؤمنين بعضهم أولياء بعض معلوم ، فكيف يجوز أن يجمع النبي صلىاللهعليهوآله الجموع في مثل ذلك ليقرأ على الخلق إيجاب ما تقدّم إيجابه من موالاته.
قلنا : في ذكره فائدتان :
إحداهما : أنّ لفظ العام ممكن للمعاند من أن يقول : إنّما أوجب الله تعالى ولاية المؤمنين ، فمن أين فلان منهم؟ ولا يمكن أن نقول ذلك إذا عيّن رسول الله صلىاللهعليهوآله فلانا بالولاية ، لأنّ ما نصّ عليه الرسول صلىاللهعليهوآله فهو أحقّ.
الثانية : أنّه صلىاللهعليهوآله ربّما أحسّ بقوم أنّهم غير مخلصين في ولاية علي عليهالسلام فأراد أن يحملهم على الإخلاص في موالاته بموالاة نفسه.
بيانه : أنّه عليهالسلام إنّما قال ذلك بعد الفتح ، وقد دخل في الإسلام بعد الفتح من كان علي عليهالسلام قتل أقاربهم ، ولا يمتنع أن يكون النبي صلىاللهعليهوآله أشفق أن يكون قد بقي في قلوب اولئك بقايا نفار ، فأراد صلىاللهعليهوآله إزالته ، وإذا كانت هذه الوجوه محتملة
__________________
(١) اللفظ هنا في النسختين : وذلك ، وأثبتنا الصحيح.