وعن الثالث : أنّ قتلة عثمان كانوا في شوكة ويحتاج في إجراء حكم الله عليهم إلى معونة ، وقد شغله من ذلك طلحة والزبير ومعاوية ، وقد أجاب عليهالسلام معاوية عن هذا فقال : «ادخل فيما دخل الناس فيه ثمّ حاكم القوم إليّ أحملكم على كتاب الله تعالى» (١). وكيفية إقامة حكم الله تعالى عليهم ما أشار إليه عليهالسلام وهو أن يمهل ويعاون (٢) ولا يشغل عنهم ويدعى أولياء الدمّ عند الإمام ، ويعينوا القتلة حتّى يتمكّن من إقامة القصاص عليهم.
وربما يقال : إنّ عليا عليهالسلام هو الذي قتل عثمان! وهذا من بهت معاوية وأمثاله وافترائهم عليه ، وقد أجاب عليهالسلام عن هذا فقال مخاطبا لمعاوية : «إنّك إن أنصفتني وجدتني أبرأ قريش من دم عثمان» (٣).
وعن الرابع : أنّ الشكّ في علم علي عليهالسلام بما هو واضح مشهور بين الصحابة من أعجب العجائب ، أمّا شهادته وحده فلا يمكن الخصم أن يجزم بأنّه كان عالما بأنّه لا شاهد إلّا هو ، فإنّه قد روي أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام كانا شاهدين بذلك أيضا (٤).
سلّمناه ، لكن يحتمل أن يكون عليهالسلام قد جوّز أنّ غيره سمع ما سمع وأدّى ما كان عليه ، مع تجويز أن يظهر غيره فيشهد بمثل شهادته.
__________________
(١) نهج البلاغة : الكتاب ٦٤ ، المقطع ١٠ ، والإمامة والسياسة ١ : ٧٠.
(٢) هاتان الكلمتان في نسخة (عا) : يمهد ويبادر ، والاولى في (ضا) كما أثبتناه : يمهل ، والثانية غير واضحة والأقرب والأنسب ما أثبتناه : يعاون.
(٣) لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان ـ نهج البلاغة ، الكتاب ٦ ، المقطع ٤ ، ووقعة صفّين : ٢٩ ، وعنه في الطبري ٥ : ٢٣٥ ، طبعة اوربا وسائر المصادر في المعجم المفهرس : ١٣٩٤ طبعة قم.
(٤) انظر كتاب فدك في التأريخ للشهيد السيد الصدر رحمهالله.