والجواب (١) عن الأوّل : أنّا ندّعي ذلك مطلقا وفي كلّ وقت ، ولذلك فإنّ العقلاء بأسرهم متّفقون على إقامة الرؤساء في كلّ وقت معتقدون أنّ الحاجة إليهم في انتظام امور الدين والدنيا ضرورية ، وهو ضروري ، ولو كان نصبهم في وقت ما سببا لفساد أكثري أو متساويا لما كان اعتقاد الخلق كما ذكرناه دائما.
وعن الثاني : لا نسلّم أنّه يتضمّن الإضرار أو الأكثرية بالخلق أو المساوية للخير. قوله في الوجه الأوّل من المعارضة «أنّهم ربّما استنكفوا عن طاعته فيكون ذلك سببا للحروب والفتن كما في الوقائع المذكورة».
قلنا : هذا وإن وقع بسبب وجود الإمام إلّا أنّه أمر خيري بالنسبة إلى الفتن والأضاليل الواقعة على تقدير عدمه ، فإنّ العاقل إذا رجع إلى عقله علم أنّ غفلة الخلق عن امور الدين وثوران الفتن والتغلّب وعدم تسليم بعضهم لبعض عند ما لا يكون الإمام المذكّر بها والمعاتب على الإخلال بها موجود أكثر ممّا إذا كان موجودا بكثير.
قوله في الوجه الثاني : «إنّ الإمام إن كان معصوما جاز فسقه وكفره».
قلت : لا نسلّم أنّه إن كان معصوما جاز ذلك منه ، وذلك كما سنبيّن أنّ العصمة ملكة ترك المعاصي ، وهي متمكّنة في جوهر النفس ، فيستحيل زوالها إلى أضدادها ، وبالله التوفيق.
وعن الثالث : لم لا يجوز أن يكون وجوب الإمامة لفائدة هي تقريب عباده من طاعته المرادة له تعالى ، قوله «تلك المنفعة بدون الإمامة» إن كان ممكنا إلّا أنّه ليس بحسن ، بل هو قبيح عندنا عقلا ، وينبّهك على ذلك أنّ من دعا غيره إلى طعامه يعلم أنّه لا يحضر إلّا أن يتولّى دعاءه بنفسه وهو قادر على ذلك
__________________
(١) هذا جواب قوله : لا يقال.