الواضع لها ابن الراوندي (١) ، سلّمناه ، لكن لا نسلّم أنّها متواترة ، سلّمناه ، لكنّها معارضة بامور تنافي النصّ :
الأوّل : أنّه لمّا مرض الرسول صلىاللهعليهوآله قال العباس لعلي عليهالسلام : «ادخل بنا عليه نسأله عن هذا الأمر فإن كان لنا بيّنه وإن كان لغيرنا وصّى الناس بنا» (٢) ومعلوم أنّ عليا عليهالسلام لو كان منصوصا عليه لكان العباس أعرف الناس بذلك فكان لا يقول مثل هذا الكلام.
الثاني : لمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله قال العباس لعلي عليهالسلام «امدد يدك ابايعك فيقول الناس : هذا عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد بايع ابن عمّه فلا يختلف عليك اثنان» (٣).
ومعلوم أنّ العباس إنّما قال ذلك لأنّه وثق بطاعة الناس لمن يبايعه هو لكونه عمّا لرسول الله صلىاللهعليهوآله إعظاما منهم لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، والذين يكونون كذلك لا بدّ وأن يكونوا مطيعين لمن نصّ عليه الرسول صلىاللهعليهوآله ، لأنّ من رضيه الرسول صلىاللهعليهوآله للإمامة فقبول المسلمين له أكثر ممّن رضيه غير الرسول صلىاللهعليهوآله فالعباس كيف يمكنه الجزم بأنّه لا يختلف اثنان على من بايعه عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مع مشاهدته أنّ الصحابة كلّهم تركوا نصّ الرسول صلىاللهعليهوآله؟! فإنّ هذا الكلام إمّا جهالة مفرطة أو وقاحة.
__________________
(١) أحمد بن يحيى المروزي البغدادي المتكلّم المعتزلي ، كان في أوّل أمره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ، وقيل أنّه تاب ومات ١٢٤٥ أو ٢٥٠ ببغداد. هدية الأحباب : ٦٨ ، طبعة الحيدري.
(٢) سيرة ابن هشام ٤ : ٣٠٤ ، ورواه المعتزلي عن كتاب السقيفة للجوهري في ٢ : ٤٨ و٥١ ، طبعة أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف و١٢ : ٢٦٢ وفي الطبري خبر يشير إليه ٤ : ٢٣٠.
(٣) الإمامة والسياسة ١ : ٤ ، وشرح المعتزلي ١ : ١٦٠.