الثالث : أنّ الأنصار لمّا طلبوا الإمامة وقدّم المهاجرون أنفسهم عليهم لمسابقتهم (١) في الإسلام ، ومزيد اختصاصهم بالنبي صلىاللهعليهوآله قال أبو بكر : بايعوا عمر أو أبا عبيدة. فدفع عمر ذلك عنه قال : ولكن أقدّم فانحر كما ينحر البعير أحبّ إليّ من أن أتقدّم قوما فيهم أبو بكر (٢) فقال عمر لأبي عبيدة : امدد يدك ابايعك! فقال أبو عبيدة : تقول هذا وأبو بكر حاضر؟! ثمّ قال لأبي بكر : كنت صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله معه في المواطن كلّها ، شدّتها ورخائها ، قدّمك رسول الله صلىاللهعليهوآله في الصلاة فخصّ بالإمامة لأجل الدين (٣) ومعلوم أنّ أمثال هذه الكلمات عمّن يعلم النصّ ، ويعلم من غيره علمه بكونه كاذبا فيما يقوله ، وقاحة.
الرابع : أنّ أبا بكر قال : قد وددت أنّي سألت الرسول عن هذا الأمر في من هو فكنّا لا ننازعه أهله (٤) وقال عمر : إن استخلف فقد استخلف من هو خير منّي ـ يعني أبا بكر ـ وإن ترك فقد ترك من هو خير منّي (٥) يعني النبي صلىاللهعليهوآله ، وإنّهما بزعم الشيعة كانا عالمين بكونهما غير صادقين وأنّ السامعين يعلمون كذبهما ،
__________________
(١) كذا في النسختين ، ولعلّ الأولى : لسابقتهم.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ٢ : ٢٥ ، طبعة دار التعارف ، عن الواقدي.
(٣) الطبري ٣ : ٢٢٠ ـ ٢٢٢ ، عن الكلبي عن أبي مخنف وأقرب منه لفظا في الإمامة والسياسة ١ : ٩ ، طبعة ٦٩ م ، و١ : ١٦ ، طبعة بيروت. وفي تأريخ الخلفاء للسيوطي : ٨٠ ـ ٨٢ ، بيروت ٤٠٨ ه.
(٤) الطبري ٣ : ٤٣٠ ، بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف. و١٢ : ٢٦٣ ، والإمامة والسياسة ١ : ١٨ ، طبعة مصر ، و١ : ٢٤ ، طبعة بيروت ، وشرح النهج ١٧ : ١٦٤.
(٥) الطبري ٤ : ٢٢٨ ، عن أبي مخنف وغيره. والإمامة والسياسة ١ : ٢٣ ، طبعة مصر ، و : ٢٨ ، طبعة بيروت ، وكنز العمّال ٥ : ٧٣٤ ، وشرح النهج ١ : ١٨٥.