كالأصنام فهؤلاء لا يملكون الشفاعة إلّا من شهد بالحق وهم يعلمون ، أي شهد بعبوديّة ربّه ووحدانيّته كالملائكة والمسيح.
ويستفاد من هذه الآيات الأُمور التالية :
١ ـ إنّ هذه الآيات تصرّح بوجود شفعاء يوم القيامة يشفعون بشروط خاصة وإن لم تصرّح بأسمائهم وسائر خصوصياتهم.
٢ ـ إنّ شفاعتهم مشروطة بإذنه سبحانه ، حيث يقول : (إِلَّا بِإِذْنِهِ).
٣ ـ يشترط في الشفيع أن يكون ممّن يشهد بالحق ، أي يشهد بالله سبحانه ووحدانيته وسائر صفاته.
٤ ـ أن لا يظهر الشفيع كلاماً يبعث غضب الله سبحانه ، بل يقول قولاً مرضياً عنده ، ويدل عليه قوله : (وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً).
٥ ـ أن يعهد الله سبحانه له بالشفاعة كما يشير إليه قوله : (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً). ثمّ إنّ هناك سؤالاً يطرح في هذا المقام ، وهو كيف يصح الجمع بين هذا الصنف من الآيات التي تثبت الشفاعة لغيره سبحانه ، والصنف الخامس الذي يخصّها بالله سبحانه؟ والجواب : إنّ مقتضى التوحيد في الأفعال ، وأنّه لا مؤثر في عالم الكون إلّا الله سبحانه ، ولا يوجد في الكون مؤثر مستقل سواه ، وإنّ تأثير سائر العلل إنّما هو على وجه التبعية لإرادته سبحانه ومشيئته ، والاعتراف بمثل العلل التابعة لا ينافي انحصار التأثير الاستقلالي في الله سبحانه ، ومن ليس له إلمامٌ بالمعارف القرآنية يواجه حيرة كبيرة تجاه طائفتين من الآيات ؛ إذ كيف يمكن أن تنحصر شئون وأفعال ، كالشفاعة