شَفاعَةٌ) (البقرة / ٤٨) ، وقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (الأنبياء / ٢٨) قال : إنّ الآية الأُولى وإن كانت تنفي الشفاعة ، ولكن هنا شفاعة مقبولة في الإسلام وهي التي تشير إليها هذه الآية (١).
٢ ـ وقال تاج الإسلام أبو بكر الكلاباذي (ت ٣٨٠ ه) : إنّ العلماء قد أجمعوا على أنّ الإقرار بجملة ما ذكر الله سبحانه وجاءت به الروايات عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الشفاعة واجب ، لقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (الضحى / ٥) ولقوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (الإسراء / ٧٩) وقوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (الأنبياء / ٢٨). وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي» (٢).
٣ ـ وقال الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه) : اتّفقت الإماميّة على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمته ، وإنّ أمير المؤمنين عليهالسلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وإنّ أئمة آل محمد عليهمالسلام كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين (٣).
وقال في موضع آخر : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشفع يوم القيامة في مذنبي أُمته فيشفّعه الله عزوجل ، ويشفع أمير المؤمنين فيشفّعه الله عزوجل ، وتشفع الأئمة في مثل ما ذكرناه فيُشفّعهم الله ، ويشفع المؤمن البر لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته ، ويشفّعه الله. وعلى هذا
__________________
(١) تفسير الماتريدي المعروف ب «تأويلات أهل السنّة» : ص ١٤٨ ، والمشار إليه هي الآية الثانية.
(٢) التعرّف لمذهب أهل التصوّف : تحقيق د. عبد الحليم محمود ، شيخ الأزهر الأسبق ، ص ٥٤ ـ ٥٥.
(٣) أوائل المقالات ، ص ١٥.