توحيده والايمان به لو احتج به بعضهم على بعض في سقوط حقوقه ومخالفة أمره لم يقبله منه ، بل كان هؤلاء المشركون يذم بعضهم بعضاً ويعادي بعضهم بعضاً ، ويقاتل بعضهم بعضاً ، على فعل (ما يرونه) (١) تركاً لحقهم أو ظلماً ، فلما جاءهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعوهم إلى حق الله على عبادة وطاعة أمره احتجوا بالقدر (٢).
وقال في موضع آخر : وهذا السؤال أعني لزوم افحام الانبياء في جواب الكفار ، انما يتوجه على من يسوّغ الاحتجاج بالقدر ويقيم عذر نفسه أو غيره ، اذا عصى بأن هذا مقدر عليّ ، ويرى أن شهود هذا هو شهود الحقيقة ، أي الحقيقة الكونية.
وهؤلاء كثيرون في الناس وفيهم من يدعي أنه من الخاصة العارفين أهل التوحيد الذين فنوا في توحيد الربوبية ، ويقولون : أن العارف اذا فنى في شهود توحيد الربوبية ، لم يستحسن حسنه ولم يستقبح قبحه (٣) ، ويقول بعضهم من شهد الإرادة سقط عنه الأمر ، ويقول بعضهم الخضر عليهالسلام سقط عنه التكليف لأنه شهد الإرادة.
وهذا الضرب كثير في متأخري الشيوخ النساك والصوفية والفقراء بل في الفقهاء والأمراء والعامة ، ولا ريب أن هؤلاء شرٌّ من المعتزلة والشيعة الذين يقرون بالامر والنهي وينكرون القدر وبمثل هؤلاء طال لسان المعتزلة والشيعة في المنتسبين إلى السنة.
__________________
(١). من يريد ، ن خ.
(٢). منهاج السنة ٢ : ٢ ـ ٣.
(٣). سيئته ، ن خ.