ونقلوا من كثرة صلاته وعباداته أشياء ، منها : انه قسم الدهر على ثلاث ليال : فليلة هو قائم حتى الصباح ، وليلة هو راكع حتى الصباح ، وليلة هو ساجد حتى الصباح.
ومنها : انه كان يواصل الصوم سبعاً ، يصوم يوم الجمعة فلا يفطر الّا يوم الجمعة الآخر ، ويصوم بالمدينة فلا يفطر الّا بمكة ، ويصوم بمكة فلا يفطر الّا بالمدينة.
قالوا ولقد قام يوماً إلى الصلاة فمرّ حجر من حجارة المنجنيق بلبنة مطبوخة من شرفات المسجد فمرت بين لحيته وصدره فو الله ما خشع لها بصره ، ولا قراءته ، ولا ركع دون الركوع الذي كان يركع.
ولقد كان اذا دخل في الصلاة خرج من كل شيء اليها ، ولقد كان يركع في الصلاة فيقع الزحم على ظهره ويسجد فكأنه مطروح ، إلى غير ذلك كثيرة.
وهو أيضاً لا يقصر في المطاعن عن أخويه المتقدمين بل يربوا عليهما بكثير بل لا يمكن استيفاء جميع ما فيه في هذه الرسالة على بعضها.
وهو على ما نص عليه عمر بن الخطاب الذي يزعم علماء القوم انه كان مسدداً ، يقع في الخارج كلّما ، يجري على لسانه وينزل الوحي على طبق رأيه : كان شيطاناً كاملاً ، ففي محاضرات الراغب الاصبهاني : «مرّ عمر رضي الله عنه بصبيان يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير فعدا ، ووقف عبد الله بن الزبير ، فقال له عمر : ما لك لا تذهب مع الصبيان؟ فقال : يا أمير المؤمنين لم أجن اليك فاخافك ، ولم يكن في الطريق ضيق فاوسعه لك ، فقال عمر : اي شيطان يكون هذا» (١).
__________________
(١). محاضرات الراغب ١ : ٥٦.