فلما استولى المختار على الكوفة ، وصارت الشيعة تدعوا لابن الحنفية ، خاف ابن الزبير ان يتداعى الناس إلى الرماية فحينئذ ألح على ابن الحنفية وعلى أصحابه في البيعة له ، فجلسهم بزمزم وتوعّدهم بالقتل والاحراق ، وأعطى إليه عهداً ان لم يبايعوه ينفذ فيهم ما توعّدهم به وضرب لهم على ذلك أجلاً ، فأشار بعض من كان مع ابن الحنفية عليه أن يبعث الى المختار وإلى من بالكوفة رسولاً يعلمهم حالهم وحال من معهم وما كان توعدهم به ابن الزبير.
فوجد ثلاثة نفر من أهل الكوفة حين نام الحرس على باب زمزم ، وكتب معهم إلى المختار وإلى أهل الكوفة يعلمهم حاله وحال من معه وما توعدهم به ابن الزبير من القتل والتحريق بالنار ويطلب منهم النصرة ، ويسألهم ان لا يخذلوه كما خذلوا الحسين عليهالسلام وأهل بيته.
فقدموا على المختار فدفعوا اليه الكتاب فنادى في الناس فقرأ عليهم الكتاب إلى أن قال : فوجّه المختار أبا عبد الله الجدلي في سبعين راكباً من أهل القوة ، ووجّه ظبيان بن عمّارة أخا بني تميم ، ومعه أربعمائة ، وبعث معه لابن الحنفية أربعمائة درهم وسيّر أبا معتمر في مائة وهاني بن قيس في مائة وعمير ابن طارق في أربعين ويونس ابن عمران في أربعين وكتب إلى محمد بن علي مع الطفيل بن عامر ومحمد بن قيس بتوجيه الجند اليه وخرج الناس أثرهم في أثر بعض.
وجاء أبو عبد الله الجدلي ، حتى نزل ذات عرق في سبعين راكباً فأقام بها حتى أتاه عمير ويونس في ثمانين راكباً فبلغوا مائة وخمسين رجلاً ، فسار بهم حتى دخلوا المسجد الحرام ، ومعهم الكافر كوبات ، (١) وهم ينادون يا لثارات
__________________
(١). هذه كلمة مركبة من كافر وكوبات وهي آلة الحرب نضرب بها الكفار ، والكوبات فارسية.