الأول : أن الذهلي والبخاري كانا في هذه المسألة على رأي واحد وعقيدة متحدة اذ كيف يظن بالذهلي اعتقاد ان اللفظ الخارج من بين شفته المحدثين قديم ، وهو قول لا يشهد له معقول ولا منقول ، ومن زعمه فقد باء باثم عظيم.
وإنّما أراد الذهلي النهي عن الخوض في مسائل الكلام والافصاح بهذا القول خشية أن يجرّ الكلام إلى ما لا ينبغي كما أن نهي الإمام أحمد بن حنبل أيضاً عن القول بأن اللفظ بالقرآن مخلوق منزّل على ما ذكر.
وكلام البخاري عندنا محمول على ذكر ذلك عند الاحتياج فالكلام عند الاحتياج واجب والسكوت عنه عند عدم الاحتياج سنة ، وكيف يظن بالبخاري أنه يذهب إلى شيء من أقوال المعتزلة فضلاً عن الجهمية؟
وقد صح عنه أنه قال : إنّي لاستجهل من لا يكفر الجهمية ، ومع ذلك فقد حكم الذهبي برجوع كلام البخاري إلى قول الجهمية وهم شر من المعتزلة.
الثاني : أن الذهلي حمله الحسد على الوقيعة في البخاري! قال : ولا يرتاب المنصف في أن الذهلي لحقه الحسد التي لم يسلم منها إلّا أهل العصمة وقد سأل بعضهم البخاري عما وقع بينه وبين الذهلي فقال البخاري : كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم ، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء.
الثالث : أن البخاري ما افصح بهذا القول فإنه قد ثبت أنه لما قال له أبو عمرو الخفاف أن الناس قد خاضوا في قولك : «لفظي بالقرآن مخلوق» قال : يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك ، من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمدان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب ، فإني لم أقله إلّا أني قلت : أفعال العباد مخلوقة ، قال يعني اني ما