قلت ذلك الكلام لأنه خوض في صفات الله ولا ينبغي الّا للضرورة ولكني قلت : أفعال العباد مخلوقة وهو قاعدة مغنية عن التخصيص في هذه المسألة بالذكر ، فان كل عاقل يعلم أن لفظنا من جملة أفعالنا وأفعالنا مخلوقة ، ولقد أفصح بهذا المعنى في رواية أخرى صحيحة عنه ، رواها حاتم بن أحمد الكيدري ، فقال : سمعت مسلم بن الحجاج إلى آخر ما تقدم في كلام ابن حجر (١).
أقول : وفساد هذه الوجوه مما لا يخفى على ذي مسكة.
أما الأول : قلنا : فانه تصريح ما حكى عن الذهلي أنه قال : من ذهب إلى محمد بن اسماعيل فاتهموه ، فانه لا يحضر مجلسه الّا من كان على مذهبه ، وهل يمكن صرف هذا الكلام إلى ما هجر به السبكي؟
مضافاً إلى ما هو صريح سائر الكلمات المتقدمة المنقولة عن الذهلي من تضليل البخاري والحكم بانه مبتدع والنهي عن الحضور عنده وغير ذلك ، وكذا ما تقدم منه سابقاً من استناده إلى ما كتبوا اليه من بغداد.
وأما الثاني : ففيه أولاً : أنه ينافي ظاهر ما حكى عن الذهلي من ترويجه للبخاري وأمر الناس باستقباله عند قدومه ، ثمّ أمرهم بالسماع منه ووصفه بالرجل الصالح ، ونهيه الناس عن السؤال منه في الكلام ، لئلا يقع بينه وبين معاشرته معه باحسن ما يكون ، حتى ظهر من البخاري ما ظهر.
وكتبوا إلى الذهلي من بغداد ما كتبوا ؛ ولو كان الذهلي حسوداً لما وقع منه بعض هذا الامور! بل كان يأمر بالسؤال عنه في الكلام حتى لا يقبل أحد اليه مع أنه نهى عن ذلك ، وقال : لا تسألوا عنه في الكلام كما تقدم ، مضافاً إلى ما ذكروا
__________________
(١). طبقات الشافعية ٢ : ٢٢٨.