والممعن في كتب المحدِّثين يعلم أنَّ هذه الجنايات التي أوعزنا
__________________
حديث واحد ذكره في السنة العاشرة ، وانما بدأ برواية تلكم الموضوعات من عام وفاة النبي الاقدس ، وبثها في الجز الثالث ، والرابع ، والخامس ، وانتهت بانتهاء خامس الاجزاء.
ذكر في ج ٣ من ص ٢١٠ ، حوادث سنة ١١ ، ٥٧ حديثاً
أخرج في ج ٤ ، حوادث سنة ١٢ ، ٤٢٧ حديثاً
أورد في ج ٥ ، حوادث سنة ٢٣ ـ ٣٧ ، ٢٠٧ حديثاً
المجموع ٦٩١ حديثاً
ومما يهم لفت النظر اليه ان الطبري من ص ٢١٠ من ج ٣ الى ص ٢٤١ يروي عن السري بقوله : حدثني ، المعرب عن السماع منه ، ومن ص ٢٤١ يقول : كتب اليّ السري .. الى آخر ما يروي عنه ، الّا حديثاً واحداً في ج ٤ ص ٨٢ يقول : حدّثنا.
ولست ادري ان السري ، وسيف بن عمر هل كان علمهما بالتاريخ مقصوراً على حوادث تلكم الاعوام المحدودة فقط؟ ومن حوادثها على ما يرجع الى المذهب فحسب لا مطلقاً؟ او كانت موضوعاتهما تنحصر بالحوادث الخاصة المذهبية الواقعة في الايام الخالية من السنين المعلومة ، لكونها الحجر الاساسي في المبادئ والآراء والمعتقدات ، وقد ارادوا خلط التاريخ الصحيح ، وتعكير صفوة بتلكم المفتعلات تزلفاً الى الناس واختذالاً عن آخرين ، ومن أمعن النظر في هذه الروايات يجدها نسيج يد واحدة ووليد نفس واحد ، ولا أحسب ان هذه كلها تخفى على مثل الطبري ، غير ان الحب يعمى ويصم.
وقد سوّدت هاتيك المخاريف المختلفة صحائف تاريخ ابن عساكر ، وكامل ابن الاثير ، وبداية ابن كثير ، وتاريخ ابن خلدون ، وتاريخ ابي الفداء الى كتب اناس آخرين اقتفوا أثر الطبري الى العمى ، وحسبوا أنّ ما لفقه هو في التاريخ اصل متّبعٌ لا غمز فيه ، مع ان علماء الرجال لم يختلفوا في تزييف اي حديث يوجد فيه أحدٌ من رجال هذا السند ، فكيف اذا اجتمعوا في إسناد رواية. (المؤلف رحمهالله).