ولو كان احتجاجاً صحيحاً لادَّعى واحدٌ من النّاس لأبي بكر الإمامة في عصره أو بعد عصره بكونه سبق إلى الإسلام ، وما عرفنا أحداً ادّعى له ذلك.
على أنّ جمهور المحدِّثين لم يذكروا أنَّ ابا بكر أسلم إلّا بعد عدَّة من الرجال منهم : علي بن ابي طالب ، وجعفر أخوه ، وزيد بن الحارثة ، وابو ذرّ الغفاري ، وعمرو بن عنبسة السلمي ، وخالد بن سعيد بن العاص ، وخباب بن الأرت.
وإذا تأمَّلنا الرِّوايات الصحيحة والأسانيد القويَّة الوثيقة وجدناها كلّها ناطقةً بأنَّ عليّاً عليهالسلام أوَّل من أسلم (١).
فأمّا الرِّواية عن ابن عبّاس : أنّ ابا بكر أوَّلهم إسلاماً ، فقد روي عن ابن عبّاس خلاف ذلك بأكثر ممّا رووا وأشهر ، فمن ذلك ما روى يحيى بن حمّاد (ثمَّ ذكر أحاديث صحيحة ممّا مرَّ عن ابن عبّاس) فقال : فهذا قول ابن عباس في سبق علي عليهالسلام إلى الإسلام ، وهو أثبت من حديث الشعبي وأشهر ، على أنَّه قد روي عن الشعبي خلاف ذلك من حديث ابي بكر الهذلي (٢).
ثمَّ ذكر حديثه وأحاديث اخرى ممّا ذكر نقلاً عن الكتب
__________________
(١) النقض على العثمانية لابي جعفر الاسكافي المعتزلي كما في شرح النهج لابن ابي الحديد ١٣ / ٢٢٤.
(٢) المصدر السابق.