الطفّ ، الشيعة لا تقول ذلك وإنَّما يأفك بهم من أفك ، وهو يريد الوقيعة فيهم بإسناد التافهات إليهم ، ولا يعتقد الشيعيُّ أنّ حرائر النبوَّة وإن سلبن الحليّ ، والحلل ، والأزر ، والأخمرة ، مضين في السبي عراة ، واستقبلهنّ شيء من مظاهر الخزي ، فإنَّ عطف المولى لهنَّ كان يأبى ذلك كلّه.
نعم : انتابتهنّ محنٌ ، ونوائب ، وكوارث ، وشدائد ، في سبيل جهادهنَّ ، كما انتابت رجالهنَّ في سبيل جهادهم ، وكلّما ينتاب المجاهد بعين الله وفي سبيله فهي مأثرةٌ له لا مخزاة ، فإنَّهن شاركن الرِّجال في تلك النهضة المقدَّسة ، التي أسفرت عن فضيحة الأمويِّين ومكائدهم ، ونواياهم السيِّئة على الدين والمسلمين ، وإضمارهم إرجاع الملأ الدينيِّ إلى الجاهلية الأولى.
لكن حسين الدين والهدى ، المفوَّض إليه كلاءة دين جدِّه عن عادية أعدائه ، الناظر إلى هاتيك الأحوال من أمم ، وقف هو وآله وأصحابه ونساؤه ذلك الموقف الرَّهيب ، فأنهوا إلى الجامعة الدينيَّة مقاصد القوم ، وأبصروهم المعاول الهدّامة لتدمير الشريعة في أيدي آل امية ، وإنَّ ذلك المقعي على أنقاض الخلافة الإسلاميّة لا صلة له برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا نصيب له من الخلافة عنه ، ولم يزل عليهالسلام ، يتلو هاتيك الصحيفة السوداء لبني صخر حتّى لفظ نفسه الأخير في مشهد يوم الطفّ ؛ وحتّى انتهى السير بنسائه وذراريه