ما يؤمن به ويؤمن بما يقول به ويعمل بما يقول ويقول بما يعمل ، وهذا يعنى ذو مراتب يأخذ في الازدياد حتّى يستوعبه في كلّ ما يراه ويقوله ويعمله ، فالصدّيق هو الذي ينال حقائق المعارف والأقوال والأعمال على ما هي عليها ويشهدها من غير أن يشوب ذلك منه كذب وباطل ، فهو أشمخ مقاما من الشهيد الذي يشهد حقائق الأعمال ، وبالضرورة يلزم هذا المقام العصمة ، فقوله تعالى : (مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) ، منتظم بالترتيب الطبعى ، فالنبيّون هم السادة ولا نعرف من حقيقة حالهم شيئا ، ثمّ الصدّيقون وهم شهداء الحقائق والأعمال ، ثمّ الشهداء وهم شهداء الأعمال ، ثمّ الصالحون وهم المتهيّئون لنيل الحقائق ، هذا.
وفي أمالي الشيخ عن الحسن والحسين ابني عليّ عن أبيهما ـ عليهمالسلام ـ قال : «جاء رجل من الأنصار إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال : يا رسول الله ، ما أستطيع فراقك ، وإنّي لأدخل منزلي فأذكرك فأترك صنيعتي وأقبل حتّى أنظر إليك حبّا لك ، فذكرت إذا كان يوم القيامة وادخلت الجنّة فرفعت في أعلى علّيّين فكيف لي بك يا نبيّ الله فنزل : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) ، فدعا النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ الرجل فقرأها عليه وبشّره بذلك» (١).
وفي الكافي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : «أعينونا بالورع فإنّه من لقي الله بالورع كان له عند الله فرجا ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) وتلا الآية ، ثمّ قال : فمنّا النبيّ ومنّا الصدّيق والشهداء والصالحون» (٢).
وفي تفسير العيّاشي عن الرضا ـ عليهالسلام ـ قال : «حقّ على الله أن يجعل
__________________
(١). الأمالي للطوسي : ٦٢١ ، المجلس ١٦ ، الحديث : ١٢٨٠.
(٢). الكافي ٢ : ٧٨ ، الحديث : ١٢.