التبيّن كالعلّة لما عطف عليه للتوضيح والبيان ، أي إذا (١) كان خروجكم في سبيل الله فينبغي أن لا تساهلوا في جنب الله وتبيّنوا ، فلا تقولوا لمن يظهر الإسلام : لست مؤمنا ، وليس ذلك إلّا لطلب الدنيا وحطامها. فالمراد بالتبيّن ليس هو تحقيق الحال ؛ إذا المظهر للشهادتين كما في مورد الآية لا يحتاج إلى تحقيق الحال ، بل التبيّن بما بيّنه الله تعالى حيث حقن دم المسلم بإظهار الشهادتين ، وقد أكّد الأمر ثانيا بقوله : (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا) ، أي أنّكم كنتم مثلهم فما كنتم تحتمونه في أنفسكم من التبيّن فاعملوا في غيركم. وقد قرئ «فتثبّتوا» صيغة أمر من التثبّت ، وهي أوجه وأوفق بالسياق من التبيّن.
وفي تفسير القمّي : نزلت لمّا رجع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ من غزوة خيبر وبعث اسامة بن زيد في خيل إلى بعض (٢) اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الإسلام ، وكان رجل من اليهود اسمه مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى ، فلمّا أحسّ بخيل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل ، فأقبل يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، فمرّ به أسامة بن زيد فطعنه فقتله ، فلمّا رجع إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ أخبره بذلك ، فقال له رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ (٣) : أفلا شققت الغطاء عن قلبه ، لا ما قال بلسانه قبلت ، ولا ما كان
__________________
(١). في الاصل : «إذ»
(٢). في المصدر : + «قرى»
(٣). في المصدر : + «قتلت رجلا شهد أن لا اله الّا الله وأنّى رسول الله فقال : يا رسول الله إنّما قال تعوذوا من القتل فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ»