أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (١).
أقول : وهناك قسم آخر مصوّر في ظرف الإعتبار وهي التي تدور مدار الإطاعة ، فإنّ الإطاعة تحصيل إرادة المطيع تابعة لإرادة المطاع ، فتسقط عن الإستقلال في تدبير أمره فينتج ولاية المطاع.
قال سبحانه : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (٢) وقال : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٣) وقال : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) (٤) ، فجعل لنفسه الولاية على المؤمنين خاصّة لطاعتهم إيّاه وهدايته لهم من الباطل إلى الحق ، فله عليهم الطاعة المفترضة كما جعلها لنبيه ، قال تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (٥) ، كما قال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٦) وقال : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) (٧) ، ثم جعل مثل ذلك بين المؤمنين ، قال سبحانه : (أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٨) غير أنّه ضيّق دائرة ولايتهم ، بمثل قوله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٩) فاختصّت ولايتهم بما عدا ما يزاحم قول الله
__________________
(١). فصلت (٤١) : ٣١.
(٢). محمد (٤٧) : ١١.
(٣). آل عمران (٣) : ٦٨.
(٤). البقرة (٢) : ٢٥٧.
(٥). الأحزاب (٣٣) : ٦.
(٦). النساء (٤) : ٨٠.
(٧). الجن (٧٢) : ٢٣.
(٨). الانفال (٨) : ٧٢.
(٩). الاحزاب (٣٣) : ٣٦.